تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ميل ابن عاشور إلى ضعف دلالة (ومن يشاقق الرسول) على حجية الإجماع.]

ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 04:16 ص]ـ

{وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}

قال رحمه الله:

((وقد شاع عند كثير من علماء أصول الفقه الاحتجاج بهذه الآية، لكون إجماع علماء الإسلام على حكم من الأحكام حجّة، وأوّل من احتجّ بها على ذلك الشافعي. قال الفخر: «روي أنّ الشافعي سئل عن آية في كتاب الله تدلّ على أنّ الإجماع حجّة فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية. وتقرير الاستدلال أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتّباع سبيل المؤمنين واجباً. بيان المقدمة الأولى: أنّه تعالى ألحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتّبع غير سبيل المؤمنين، ومشاقّة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد، فلو لم يكن اتّباع غير سبيل المؤمنين موجباً له، لكان ذلك ضمّا لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقلّ باقتضاء ذلك الوعيد، وأنّه غير جائز، فثبت أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فإذا ثبت هذا لزم أن يكون اتّباع سبيلهم واجباً». وقد قرّر غيره الاستدلال بالآية على حجّيّة الإجماع بطرق أخرى، وكلّها على ما فيها من ضعف في التقريب، وهو استلزام الدليل للمدّعي، قد أوردت عليها نقوض أشار إليها ابن الحاجب في «المختصر». واتّفقت كلمة المحقّقين: الغزالي، والإمام في «المعالم»، وابنِ الحاجب، على توهين الاستدلال بهذه الآية على حجّيّة الإجماع)).

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Sep 2008, 06:06 ص]ـ

وممن اعترض على هذا الاستنباط من المفسرين:

الكلبيُّ في التسهيل: (135) قال: " وفي ذلك نظر ".

وأبو حيان: البحر المحيط: (3/ 366)، والشوكانيٌّ حيث قال: " ولا حجة في ذلك عندي؛ لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هنا هو: هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره ... ". فتح القدير: (416).

وقال الآلوسيُّ: " وبالجملة لا يكاد يسلم هذا الاستدلال من قيل وقال وليست حجية الإجماع موقوفة على ذلك كما لا يخفى". روح المعاني: (3/ 142).

وقال الشنقيطي: "وفي الاستدلال عليه بهذه الآية بحوث ومناقشات". مذكرة أصول الفقه للشنقيطي: (150).

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:35 م]ـ

جزاكما الله خيراً ووفقكما على هذه المدارسة.

وقد توقفت قديماً عند هذا الاستدلال ولم أفهمه وأقتنع به تماماً غير أنني دائم الاستدلال به على دقة فهم الشافعي للقرآن. ولعل هذه المناقشة تكشف لنا وجه الصواب في الفهم لهذه الآية.

الشافعي يرى أن الوعيد على ترك سبيل المؤمنين يدل على أنه يجب اتباع سبيل المؤمنين. وليتكما تتفضلان - كلاكما أو أحدكما - بنقل كلام ابن الحاجب والغزالي والجويني ومن توسع في دفع هذا الاستدلال حتى تتضح المسألة تماماً حيث إن وجه الاستدلال الذي استدل به الشافعي غير بعيد عندي على الأقل.

كأن في قول الرازي: (فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية) مبالغة، ولعله لم يقرأه إلا مرة أو قريب منها.

وليتنا نبحث أدلة حجية الإجماع القرآنية خاصة في هذه المسألة جزاكم الله خيراًُ فهذا من أنفع أوجه تدبر القرآن.

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:38 م]ـ

قال المزني والربيع: " كنا يوماً عند الشافعي إذ جاء شيخ فقال: اسْأَلُ؟ قال الشافعي: سَلْ. قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: ومن أين قلتَ اتفاق الأمة، من كتاب الله؟ فتدبر الشافعي رحمه الله ساعةً. فقال الشيخ: أَجَّلْتُكَ ثلاثة أيام. فتغيَّرَ وجهُ الشافعي، ثم إنه ذهب فلم يخرج أياماً. قال: فخرج من البيت في اليوم الثالث، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلَّم فجلس فقال: حاجتي؟ فقال الشافعي رحمه الله: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: {وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115]، لا يصليه جهنم على خلاف سبيل المؤمنين إلا وهو فرض. قال: فقال: صدقتَ. وقام وذهب. قال الشافعي: قرأتُ القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه". أحكام القرآن للشافعي: (1/ 39 ـ 40).

قال ابن كثير (ت:772هـ): " والذي عَوَّلَ عليه الشافعيُّ (ت: 204هـ) ـ رحمه الله ـ في الاحتجاج على كَوْنِ الإجماعِ حجةً تحرمُ مخالفتُه؛ هذه الآية الكريمة بعد التروِّي والفِكْرِ الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك"

[تفسير القرآن العظيم: (361 ـ 362). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (5/ 385)].

ووجه هذا الاستنباط:

أن الله تعالى توعَّد على اتباع غير سبيل المؤمنين ـ وسبيلُهم هو ما أجمعوا عليه ـ ولو لم يكن محرماً لما توعَّد عليه.

ولَمَا حَسُنَ الجمعُ بينه وبين المُحَرَّمِ مِنْ مُشَاقَّة الرسول عليه السلام في التَّوَعُّد.

[انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: (1/ 200)، وذكر بعض الاعتراضات على هذا الاستدلال، والإشارات الإلهية للطوفي: (2/ 49 ـ 56)، وذكر أوجه الاستدلال والاعتراض عليها. والكشاف للزمخشري: (2/ 149)، والتفسير الكبير للرازي: (11/ 43 ـ 44].

تحليل الاستنباط:

أخذ هذا الاستنباط من طريقين:

الأول: أن ما توعد الله عليه في كتابه فإنه يدل على تحريمه، وعلى إيجاب ضده.

الثاني: بدلالة الاقتران حيث قرن الله تعالى بين مخالفة سبيل المؤمنين وبين مشاقة الرسول فدل على اشتراكهما في الحكم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير