تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من القواعد اللغوية في التفسير (صليحة بن عاشور)]

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[30 Aug 2008, 09:45 م]ـ

من القواعد اللغوية في التفسير

صليحة بن عاشور

جامعة ورقلة - الجزائر

المصدر: مجلة الأثر الصادرة عن كلية الآداب بجامعة ورقلة بالجزائر ( http://www.ouargla-univ.dz/Site-Fac-Lettre/04/a/12.htm) ( مجلة أكاديمية محكمة)

ملخص المقال

ترتبط علوم الشريعة باللغة العربية، ارتباطا وثيقا، بحيث يستحيل على طالب اللغة العربية أن يعرف كنه هذه اللغة وأسرارها و أعماقها ما لم يعد إلى أصلها ومصادرها و التي على رأسها القرآن الكريم، فللغة وجوه ابتدعها القرآن في الكلام فصارت من بعده نهج الألسنة و الأقلام، ولا يمكن لطالب الشريعة أن يقف على معاني القرآن الكريم ما لم يملك الأدوات التي توصله إلى ذلك، و على رأسها اللغة وقواعدها.

وإبرازا لهذه الصلة الوثيقة، و التكامل الذي لابد منه جاء هذا الموضوع الموسوم " من القواعد اللغوية في التفسير "، يثبت على وجه الخصوص أهمية اللغة في الوقوف على معاني الآيات القرآنية، وهذه القواعد كثيرة جدا سأكتفي بذكر بعضها.

مقدمة

قال تعالى: ?إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? (1) وقال أيضا: ? بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ? (2).

لما كان القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب استدلالا بهاتين الآيتين وبغيرهما كثير، كان لزاما على المفسر، الذي يريد بيان معاني القرآن الكريم، أن يتذوق أساليب اللغة العربية، ويدرك كنهها، وأسرارها ويلم بقواعدها، "فاللغة هي سبيل أساسية وعظمى لفهم المفردات والألفاظ القرآنية، وما تحتمله من مدلولات، وإن العلم باليسير من اللغة لا يكفي لتخويل أحد بالاضطلاع بمهمة التفسير. فإن هذه مهمة لا تتيسر لغير الضالعين في لسان العرب المتبحرين في علوم البيان" (3)

قال مجاهد- وهو أحد أئمة التفسير بالمأثور- "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يتكلم في كتاب الله، إذا لم يكن عالما بلغات العرب".

وقال الإمام مالك بن أنس: "لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا".

وقال محمد عبده: " فهم كتاب الله تعالى يأتي بمعرفة ذوق اللغة وذلك بممارسة الكلام البليغ منها". (4)

والحق كذلك، إذ كيف يمكن فهم معاني القرآن دون معرفة أسباب التعريف والتنكير، والجمع والإفراد، والتأنيث والتذكير، ومعرفة المفردات والتراكيب، ومواضع الخطاب بالاسم، ومواضع الخطاب بالفعل، والضمائر والعطف وغيرها كثير.

" .. وهل باستطاعة أحد أن يفسر قوله تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم". دون أن يعرف المعنى اللغوي للإيلاء، والتربص، والفيئ؟ " (5)

وقد ذكر السيوطي (6) أنواع العلوم التي يجب توفرها في المفسر، فأوصلها إلى خمسة عشر علما، وذكر على رأسها "اللغة". وليس هذا من قبيل الصدفة، ولكن لأهميتها، وأهمية قواعدها في فهم القرآن.

ومن القواعد اللغوية الأساسية التي لا يستغني عنها المفسرون مع الاستدلال لها بالقرآن الكريم ما يلي:

أولا: قاعدة التعريف والتنكير:

لكل من التعريف والتنكير مقاما لا يليق بالآخر.

I- مقامات التنكير: ومن مقاماته ما يلي:

1 - إرادة الوحدة: نحو قوله تعالى: ? وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنَ اَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى? " (7) أي: رجل واحد.

2 - إرادة النوع: نحو قوله تعالى: ?هَذَا ذِكْرٌ ? (8) أي نوع من الذكر.

3 - ما يحتمل الوحدة والنوعية معا: نحو قوله تعالى: ? وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِن مَّآءٍ? (9). أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء، وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف.

4 - التعظيم: نحو قوله تعالى: ?فَاذَنُواْ بِحَرْبٍ ? (10) أي: بحرب وأي حرب؟! بمعنى حرب عظيمة.

5 - التكثير: نحو قوله تعالى: ? أَينَّ لَنَا لأََجْرًا? (11) أي أجر وافر، جزيل، كثير.

6 - ما يحتمل التعظيم والتكثير معا: نحو قوله تعالى: ? وَإِنْ يُّكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ? (12)

أي: رسل عظام ذوو عدد كثير.

7 - التقليل: نحو قوله تعالى: ? وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ? (13) أي: رضوان قليل منه عز وجل أكبر من الجنات.

وإلى هذا أشار الشاعر حين قال:

قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير