[موقف القرآن الكريم والكتاب المقدس من العلم]
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[08 Aug 2008, 11:43 ص]ـ
د. إبراهيم عوض
[موقف القرآن الكريم والكتاب المقدس من العلم]
1987
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
إلى أسرتي الصغيرة التي لا أكف عن الدعاء إلى الله أن يبارك فيها: زوجتي، ويمنى " الفراشة الرقيقة "، وعلاء الدين " الأسد الصغير ". جمعنا الله على الخير والسعادة في الدنيا، وفي رياض الخلد في الآخرة.
مقدمة
رشحني قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب (جامعة عين شمس) أنا والأستاذ الدكتور مصطفى الشكعة، للاشتراك في المؤتمر الدولي للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي كان مقررا له أن ينعقد في أول أكتوبر الماضي (ثم تأجل إلى الثامن عشر من نفس الشهر) بإسلام أباد عاصمة باكستان، فكتبت البحث الذي بين يدي القارئ الكريم، وأرسلته إلى هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (بمكة المكرمة) المشرفة على المؤتمر، فأحالته إلى لجنة التحكيم الخاصة بالنظر في مثل هذه البحوث فأجازته وأثنت مشكورة على ما بُذل فيه من " جهد علمي واضح " (وهذه عبارة الرسالة التي وصلتني لا عبارتي أنا، فأرجو أن يعذرني القارئ)، ودعت لي بالخير. ومع ذلك فإني للأسف لم أسافر لحضور المؤتمر، لأن تذاكر السفر التي وعدت بها لم تصلني، لتأخري في الرد على الرسالة المذكورة أعلاه، لظروف خارجة عن إرادتي، إذ كنت عند وصولها مسافرا إلى جمهورية جامبيا في غرب إفريقية، فلما عدت تسلمتها بعد فوات الأوان، وبالتالي تأخر ردي وإرسالي الملخصين المطلوبين (بالعربية والإنجليزية) عن الموعد المحدد.
وقد علمت من مقالة الأستاذ فهمي هويدي: " الإعجاز القرآني: المصالح والمفاسد! "، المنشورة بأهرام الثلاثاء 3/ 11 / 1987 (ص / 7) أن عدد البحوث التي قدمت للمؤتمر قد بلغت خمسمائة بحث، وأن الذي أجيز منها هو ثمانية وسبعون بحثا فقط، فسرني هذا سرورا عوضني إلى حد كبير عن حضور المؤتمر والسفر إلى باكستان الشقيقة. والحمد لله. الذي هو أهل كل حمد.
حدائق القبة 23/ 11 / 1987
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تتبعنا في كل من الكتاب المقدس والقرآن الكريم الآيات التي تتحدث عن العلم والمعرفة فسوف نجد الملاحظات الآتية:
أن كلا الكتابين يعد العلم والمعرفة هبة من عند الله سبحانه. يقول الكتاب المقدس: " وكلم الرب موسى قائلا: انظر. قد دعوت بصلئيل بن أوري بن حور من سبط يهوذا باسمه، وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة ... وهأنا قد جعلت معه أهولياب بن أخيساماك من سبط دان، وفي قلب كل حكيم القلب جعلت حكمة ليصنعوا كل ما أمرتك ". وفي موضع آخر نرى سليمان عليه السلام يدعو الله أن يمده بالحكمة والمعرفة: " فأعطني الآن حكمة ومعرفة لأخرج أمام هذا الشعب وأدخل ". فيرد المولي جل وعلا عليه بقوله: " قد أعطيتك حكمة ومعرفة، وأعطيك غنى وأموالا وكرامة ". وها هو داود يرجو ربه أن " ذوقا صالحا ومعرفة علمني ". وفي سفر " الأمثال ":" لأن الرب يعطي حكمة. من فمه المعرفة والفهم ". وفي " دانيال ": "يعطي (الله) الحكماء حكمة ويعلم العارفين فهما ".
وفي القرآن الكريم نقرأ قوله عز من قائل: " علم الإنسان ما لم يعلم "، وقوله سبحانه عن آدم عليه السلام: " وعلم آدم الأسماء كلها "، وقوله تعالى عن يوسف عليه السلام: " وإنه لذو علم لما علمناه "، وقوله سبحانه عن العبد الصالح (في قصة موسى عليه السلام): " وعلمناه من لدنا علما "، وقوله جل شأنه عن داود عليه السلام: " وعلمناه صنعة لبوس لكم "، وقوله تبارك وتعالى عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه: " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة، وعلمك ما لم تكن تعلم "، وقوله عز شأنه في خطاب المؤمنين: " واتقوا الله، ويعلمكم الله ".
فمن هذه النصوص يتبين لنا أن كلا الكتابين ينظر إلى المعرفة، سواء كانت معرفة عقلية أو روحية أو صناعية تطبيقية، على أنها عطية إلهية؟ وهذا طبيعي، فكلا الكتابين يدعو إلى الإيمان بالله سبحانه وأنه خالق كل شيء، وإن شابت الإيمان بالله في الكتاب المقدس شوائب كثيرة تتفاوت بين السفاهة من جانب والشرك بالله من جانب آخر.
¥