تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أهمية الشاهد النحوي في تفسير القرآن الكريم (د. لخضر روبحي)]

ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[30 Aug 2008, 09:49 م]ـ

أهمية الشاهد النحوي في تفسير القرآن الكريم: تفسير (جامع البيان لابن جرير الطبري) نموذجا

د. لخضر روبحي

جامعة المسيلة - الجزائر

المصدر: مجلة الأثر الصادرة عن كلية الآداب بجامعة ورقلة - الجزائر ( http://www.ouargla-univ.dz/Site-Fac-Lettre/06/b/2.htm) ( مجلة أكاديمية محكمة)

من الحقائق الثابتة أن علم النحو لم يكن معروفا عند العرب قبل الإسلام، والسبب يكمل في جودة قرائحهم ونطقهم بالسليقة التي جبلوا عليها، فقد نشأت اللغة في أحضان الجزيرة العربية خالصة لأبنائها نقية سليمة مما يكدر صفائها وبيانها أو يخدش كرامتها. ولهذا السبب اتفق جمهور العلماء على أن العربي صاحب لغة يصرفها كيف يشاء. فاللحن يتناقض مع إعرابه وإفصاحه بل يحط من قدره ويتنافى مع شخصيته. ويكاد يجمع علماء العرب القدماء والمحدثين على أنه لا لحن في الجاهلية، ويحددون ظهور اللحن بحدود ظهور الإسلام أو بعده بقليل.يقول أبو بكر الزبيدي:"فاختلط العربي بالنبطي والتقى الحجازي بالفارسي ودخل الدين أخلاط الأمم وسواقط البلدان فوقع الخلل في الكلام وبدأ اللحن في ألسنة العوام (1). كما ذهب الرافعي إلى القول: "نقطع بأن اللحن لم يكن في الجاهلية البتة وكل ما كان من بعض القبائل في خور الطباع وانحراف الألسنة فإنما هو لغات لا أكثر" (2). وكان ظهوره خفيفا ونادرا أيام الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روي أن وفدا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلن إسلامه فلما قام خطيبهم من بين يديه يتكلم لحن في كلامه فاستفظعوا لحنه فقال النبي للوفد:"أر شدوا أخاكم فإنه قد ضل (3).

وأخذ اللحن ينتشر أكثر منذ العصر الأموي لاسيما بعد تأسيس البصرة والكوفة وتضخم المجتمع الإسلامي بها بدخول أقوام أعجمية مختلفة إلى أن أصبح يعد الذين لا يلحون قليلا وفي هذا السياق يقول أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي (ت379):"ولم تزل العرب تنطق على سجيتها في صدر إسلامها وماضي جاهليتها حتى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان فدخل الناس فيه أفواجا وأقبلوا عليه أرسالا، واجتمعت فيه الألسة المتفرقة واللغات المختلفة ففشا الفساد في اللغة العربية واستبان منها في الإعراب الذي هو حليها لمعانيها والموضح فتفطن لذلك من نافر بطباعه سوء إفهام الناطقين من دخلاء الأمم بغير المتعارف من كلام العرب فعظم الإشفاق من فشو ذلك وغلبته حتى دعاهم الحذر من ذهاب لغتهم وفساد كلامهم إلى أن سببوا الأسباب في تقييدها لمن ضاعت عليه وتثقيفها لمن زاغت عنه" (4).

صلة النحو بالقرآن الكريم:

يمثل النحو خطوة كبيرة في العناية بالقرآن الكريم والمحافظة على سلامته. والروايات التي تثبت وقوع بعض الأخطاء اللغوية والإعرابية في قراءة القرآن كثيرة (5). وكلها تجمع بأن اللحن وما ترتب عليه من الخطأ في النطق واختلال الألسنة كان سببا فعالا في نشأة النحو. فوظيفة هذا العلم لا تقتصر على ضبط الكلمات ومعرفة المرفوع و المنصوب والمجرور والمعنى والمعرب وإنما تتسع إلى توجيه النصوص والتحكم في دلالتها ومقاصدها. ففي قول الله تعالى:) إنما يخشى الَّلهَ من عباده العُلَمَاء’ ((6). يفرض المعنى رفع العلماء (فاعلا) ونصب اسم الجلالة (مفعولا به) لأن المراد هو حصر الخوف من الله في العلماء.

فالنحو ليس علامات لفظية فحسب بل هو مناط إيضاح المعنى يقول ابن فارس (ت 395 ه) " فأما الإعراب فبه تميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين وذلك أن قائلا لو قال: (ما أحسن زيد) غير معرب أو (ضرب عمر زيد) غير معرب لم يوقف على مراده فإذا قال (ما أحسن زيدا) أو (ما أحسن زيد؟) أو (ما أحسن زيد) أبان بالإعراب عن المعنى الذي أراده" (7).

كما بين ابن جني (ت 392هـ) قيمته أيضا في باب أفرده من كتاب الخصائص بعنوان: (باب القول على الإعراب) فقال:"هو الإبانة عن المعنى بالألفاظ ألا ترى أنك إذا سمعت: أكرم سعيد أباه علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول؟ ولو كان الكلام شرجا واحد لا ستبهم أحدهما على صاحبه" (8). فالرفع هو الذي حدد الفاعل ولو لا هذه العلامات الإعرابية لما أمكن تحديد أحدهما من صاحبه.

اهتمام علماء النحو والتفسير بالشاهد النحوي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير