[مواطن بلاغية في سورة الشمس (لمن سأل عنها)]
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[13 Aug 2008, 03:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعتذر أولا على تأخير الموضوع ولكن ذلك راجع إلى ظني أن نقلته إلى هنا منذ فترة, ولكن ما حدث أني كتبته ثم نسيت نقله فنعتذر إلى الأخ الطالب مجددا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وسلم, أما بعد:
فلا نزال نتناول بفضل الله سور الأقسام المتعددات, ونتناول اليوم بإذن الله وعونه سورة الشمس متوكلين على الله راجين منه أن يفتح لنا فيها من عنده! بسم الله الرحمن الرحيم:
كنا قد تكاسلنا عن تناول هذه السورة لأننا رأينا أن مفرداتها واضحة جلية لكل الأخوة تقريبا, ولكنا رأينا أن نتناولها لنوضح بإذن الله الرابط بين هذه الأقسام وبين السورة وبين المقسم عليه, ولكي نوضح بعض المواطن البلاغية الموجودة في السورة, مساعدة لبعض الأخوة التي طلبوا هذا.
تبدأ السورة بقوله تعالى "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا"
أول ما يلحظه القارئ لهذه السورة هو كثرة عدد الأقسام المذكورة في هذه السورة, ففي غيرها من السور كان عدد المقسم به يتراوح بين إثنين وخمسة, أما هنا فعدد المقسمات بها إحدى عشر في سبع آيات في سورة كل عدد آياتها خمس عشرة آية, فلم الكثرة في هذه السورة تحديدا؟ وما هو الرابط بين هذه المقسمات بها وبين المقسم عليه وبين باقي السورة؟
نبدأ أولا بتحليل وعرض هذه الآيات ثم بعد ذلك نقدم بإذن الله للقارئ العلاقة:
أقسم الله تعالى في هذه السورة بأقسام مختلفة, فأقسم بالشمس والقمر والسماء والأرض, كما أقسم بالليل والنهار والضحى, وأقسم بنفس وما سواها وبما بنى السماء وبما طحى الأرض. ويمكننا تقسيم هذه المقمسات بها إلى مجموعات عدة:
أول شكل يمكن تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول: الشمس ومتعلقاتها, فالشمس مقسم بها مطلقا, ثم ضحى الشمس, ثم القمر في حال تلوه للشمس, ثم النهار في حال تجليته للشمس, ثم الليل في حال غشيانه للشمس. والقسم الثاني هو والسماء والأرض والنفس وما بناها وما طحاها وما سواها.
أو القول بأنه ذكر الأجرام السماوية, ثم ظواهر كونية ثم نفس ثم الذي بنى وكون هذه الأجرام. ويمكننا أن نقسمها تقسيمة أخرى:
والشمس وضحاها (مقسمان بهما مطلقان) - والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها (ثلاث مقسمات بها مرتبطة بحالة معينة) - والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها- (ثلاث أيضا مرتبطات ولكن نلحظ أن الأخير "نفس" أتت منكرة بخلاف ما قبلها من المقسمات بها)
وإليك بعض الأوجه البلاغية في هذه السورة:
أول وجه بلاغي في هذه السورة هو عرضها الشيء ومعكوسه "والشمس و ... " "والقمر إذا ... " – "والنهار إذا جلاها" "والليل إذا يغشاها" (وهنا التضاد في الشيء وفعله وليس فيه فقط.) - "والسماء وما بناها" "والأرض وما طحاها".
ثاني وجه بلاغي هو ترتيب عرض محل ظهور الجرم تبعا لترتيب ذكره في أول السورة. ففي الآية الأولى ذُكر الشمس وفي الثانية القمر, فتأتي الآية التالية فتذكر أولا النهار وهو محل ظهور الشمس, ثم بعد ذلك الليل وهو محل ظهور القمر.
ثالث وجه بلاغي هو ذكره محل عمل وتأثير الأجرام والمظاهر المذكورة بترتيب تنازلي تبعا للتأثر وللاستقبال, فبدأ بالسماء وفيها تجري وتسبح كل الأجرام والمظاهر, ثم ثنى بالأرض وفيها وعليها يظهر تأثير هذه الأجرام والمظاهر, ثم ثلّث ب "نفس" تستقبل كل هذا وتتأثر به, ومن أجلها خُلق كل هذا.
رابع وجه بلاغي هو الفاصلة التي انتهت به السورة, والتي جاءت في السورة كلها منهية ب "ها"
خامس وجه بلاغي هو ذكر أشكال مختلفة للتأثير في الأجرام المختلفة مناسبة لكل جرم "بناء وطحو وتسوية"
سادس وجه بلاغي هو المقابلة المنتشرة في السورة, فبخلاف ما ذكرنا, فهناك مقابلة بين الفجور والتقوى في آية واحدة, وهناك مقابلة بين " قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا" " وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا", كما أن التزكية والدس إشارة إلى السماء والأرض السابقتي الذكر.
¥