تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[::: الإمام الشيخ محمد عبده وطريقته في التفسير::: مقال نفيس للعلامة الشيخ محمود شلتوت]

ـ[السراج]ــــــــ[25 Sep 2008, 06:34 ص]ـ

::: الإمام الشيخ محمد عبده وطريقته في التفسير:::

مقال نفيس لشيخ الجامع الأزهر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى:

اطلعت على مقال قديم ونفيس في مجلة الرسالة التي كان رئيس تحريرها وصاحبها فضيلة الأستاذ الأديب أحمد حسن الزيات، وذلك في السنة الثانية عشرة من المجلة، العدد 576، وتاريخها كما جاء في ترويستها: القاهرة في يوم الإثنين 26 رجب سنة1363هـ - الموافق 17 يوليو سنة 1944م، بعنوان: " الشيخ عبده وطريقته في التفسير للأستاذ محمود شلتوت "، رأيت فيه ملامح عن شخصية الإمام المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله تعالى ودوره في التفسير بقلم شيخ الجامع الأزهر في زمانه العلامة الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى، وأصل هذا المقال محاضرة قام بها الأزهر بدار " الإذاعة اللاسلكية المصرية" عنوانها " ذكرى الأستاذ الإمام المصلح محمد عبده " وذلك في (يوم الثلاثاء 11 يوليو سنة 1944م) فألقى الشيخ محمود شلتوت هذه الكلمة القيمة وهو هذا المقال، وألقى بعده الدكتور محمد البهي والدكتور محمد ماضي كلمتين أخريتين، وقد سر أهل العلم والفكر آنذاك بهذه المحاضرة، لذا رأيت أن أنقل نص المقال بتمامه كما جاء في المجلة لتعم الفائدة خاصةً في منتدانا المبارك ... ولاتنسوني من صالح دعائكم ....

ـــــــــــــــــ

الشيخ عبده وطريقته في التفسير للأستاذ محمود شلتوت

******

من المعروف أن البيئة تؤثر في الإنسان تأثيراً كبيراً فهي تطبعه بطابعها وتنشئه على أخلاقها وتحمله بقوتها وسلطانها على أن يكون عضواً فيها، يعيش كما تعيش، ويفكر كما تفكر، وينزل على إرادتها وحكمها مطمئن القلب راضي النفس، ولكن مع هذا قد يظهر في الأمة أو الجماعة من الحين بعد الحين أفراد يجعل الله منهم مظهر رسالة خاصة إلى الأمة أو الجماعة، فيصنعهم على عينه ويعصمهم من التأثر ببيئاتهم، فينشأ الواحد منهم بيئة برأسه أو أمة في نفسه، لا يتأثر بجماعته، ولا يتقيد بقيودها، ولا يزن الأشياء بميزانها بل العكس يؤثر هو فيها و يقتحم عليها حصونها، ويعيش معها ما عاش في كفاح وجلاد وهو في كل يوم يفتح فتحاً جديداً، ويدك حصناً عنيداً، ويتعهد من وراء ذلك بذوره التي يضعها حتى ترسخ أصولها، وتسمق فروعها، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أولئك هم المصلحون في كل زمان ومكان، منهم رسل الله المبلغون عنه، المؤيدون بوحيه، ومنهم دون ذلك من عباقرة الأمم وأفذاذ التاريخ، ولقد كان الشيخ عبده من هؤلاء العباقرة الذين عصمهم الله من التأثر ببيئاتهم ومكّنهم من التأثير فيها.

****

كانت بيئة الشيخ عبده هي البيئة الأزهرية التي تكونت في أواخر القرن الثالث عشر من الهجرة، وكان طابعها الركود الفكري، والتعصب المذهبي، والتقديس للآراء و الأفهام والسمو بها عن النقد ومحاربة كل رأي جديد، وقد وصل الأمر بهذه البيئة إلى أن أوجبت التقليد في دين الله وحرمت الاشتغال بالعلوم العقلية والرياضية وقاومت من حاول الخروج عليها في ذلك زمناً طويلاً، وكانت أكبر جناية لهذه النزعة جنايتها على القرآن فقد صورته كتاباً عزيز المنال، بعيداً عن الأفهام، لايدركه إلا الراسخون الذين مضوا وقد درسوه واستنبطوا منه جميع ما يلزم المسلمين، فليس لأحد بعدهم أن ينظر فيه كما نظروا، ولا أن يستنبط منه كما استنبطوا، ولا أن يفسره بغير ما فسروا، ظل القرآن في هذه النزعة يدرس دراسة أساسها الإسراف في المناقشات اللفظية لعبارات المفسرين، والاعتماد في قصصه على الروايات الغريبة والإسرائيليات الموضوعة وفي تشريعه المذاهب الفقهية وفي عقائده على الآراء الكلامية، وقد صار القرآن بهذا كأنه تابع لا متبوع ومحكوم عليه لا حاكم

****

ولقد تهيب الناس بهذا الوضع كتاب الله وصاروا لا يعرفون من مزاياه سوى أنه كتاب يتعبد بتلاوته ويتبرك به وتستمطر به الرحمة على الموتى ويستشفى به من الأمراض والعلل الجسمية

****

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير