وقال أبو داود الطيالسي: قال شعبة: أخبرني عبد الله بن السائب عمن سمع ابن عباس يقرؤها {وإن منهم إلا واردها} يعني الكفار, وهكذا روى عمر بن الوليد الشنّي أنه سمع عكرمة يقرؤها كذلك {وإن منهم إلا واردها} قال وهم الظلمة كذلك كنا نقرؤها, رواه ابن أبي حاتم وابن جرير, وقال العوفي عن ابن عباس: قوله: {وإن منكم إلا واردها} يعني البر والفاجر, ألا تسمع إلى قول الله لفرعون: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} الاَية, {ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً} فسمى الورود على النار دخولاً وليس بصادر.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن إسرائيل عن السدي, عن مرة عن عبد الله هو ابن مسعود {وإن منكم إلا واردها} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرد الناس كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم» ورواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عبيد الله عن إسرائيل عن السدي به. ورواه من طريق شعبة عن السدي عن مرة عن ابن مسعود موقوفاً, هكذا وقع هذا الحديث ههنا مرفوعاً. وقد رواه أسباط عن السدي عن مرة عن عبد الله بن مسعود قال: يرد الناس جميعاً الصراط, وورودهم قيامهم حول النار, ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم, فمنهم من يمر مثل البرق, ومنهم من يمر مثل الريح, ومنهم من يمر مثل الطير, ومنهم من يمر كأجود الخيل, ومنهم من يمر كأجود الإبل, ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى إن آخرهم مرّاً رجل نوره على موضع إبهامي قدميه, يمر فيتكفأ به الصراط, والصراط دحض مزلة عليه حسك كحسك القتاد, حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس. وذكر تمام الحديث رواه ابن أبي حاتم.
وقال ابن جرير: حدثنا خلاد بن أسلم, حدثنا النضر, حدثنا إسرائيل, أخبرنا ابو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قوله: {وإن منكم إلا واردها} قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف, فتمر الطبقة الأولى كالبرق, والثانية كالريح, والثالثة كأجود الخيل, والرابعة كأجود البهائم. ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سلم سلم, ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من رواية أنس وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب, حدثنا ابن علية عن الجريري عن أبي السليل عن غنيم بن قيس قال: ذكروا ورود النار, فقال كعب: تمسك النار الناس كأنها متن إهالة حتى يستوي عليها أقدام الخلائق: برهم وفاجرهم, ثم يناديها مناد: أن أمسكي أصحابك ودعي أصحابي, قال فتخسف بكل ولي لها, وهي أعلم بهم من الرجل بولده, ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم. قال كعب: ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة سنة, مع كل واحد منهم عمود ذو شعبتين, يدفع به الدفع فيصرع به في النار سبعمائة ألف.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر, عن أم مبشر عن حفصة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدراً والحديبية» قالت: فقلت أليس الله يقول: {وإن منكم إلا واردها} قالت: فسمعته يقول {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً}. وقال أحمد أيضاً: حدثنا ابن إدريس, حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر, عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة فقال: «لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية» قالت حفصة: أليس الله يقول {وإن منكم إلا واردها}؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ثم ننجي الذين اتقوا} الاَية, وفي الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم».
وقال عبد الرزاق قال معمر أخبرني الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من مات له ثلاثة لم تمسه النار إلا تحلّة القسم» يعني الورود, وقال أبو داود الطيالسي حدثنا زمعة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم» قال الزهري كأنه يريد هذه الاَية {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}. وقال ابن جرير حدثني عمران بن بكار الكلاعي حدثنا أبو المغيرة حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن تميم حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن أبي صالح
¥