والإسناد هذا ضعيف ففيه علتان: ضعف رواية عمر عن قتادة خاصة، والانقطاع بين الحسن وسمرة.
وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في التفسير (3/ 526) - السلامة - أن ابن مردويه رواه من حديث المعتمر - وهو ابن سليمان التيمي - عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعًا أيضًا، وهذه متابعة جيدة، رجالها ثقات، إلا أنه يبقى سماع الحسن من سمرة، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لم يسمع منه.
إلا أنه روي من وجهٍ آخر أيضًا عن سمرة موقوفًا رواه ابن جرير (6/ 144) قال:
(حدثني محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا معتمر - وهو ابن سليمان التيمي - عن أبيه قال حدثنا أبو العلاء - وهو يزيد بن عبد الله بن الشخِّير - عن سمرة بن جندب أنه حدث أن آدم عليه السلام سمى ابنه عبد الحارث) أ. هـ
وهذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات أثبات، أخرج لهم الجماعة إلا محمد بن عبد الأعلى وهو ثقة أخرج له مسلم.
أضف إلى ذلك أنه قد رواه ابن أبي حاتم (5/ 1633) وغيره عن أُبَيِّ بن كعب موقوفًا، فكل هذه الطرق والروايات تجعل المنصف لا يستريب في ثبوت هذا الحديث: لذلك قال ابن جرير رحمه الله تعالى (6/ 147):
(وأولى القولين بالصواب قول من قال: عني بقوله ? فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء ? في الاسم لا في العبادة، وأن المعني بذلك آدم وحواء لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك. أ. هـ.
ولهذا أيضًا صححه الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله تعالى.
الوجه الرابع:
أن جميع الذين خرَّجوا هذا الحديث من كتاب التوحيد - فيما وقفت عليه - قد أحالوا في رد ذلك على تفسير ابن كثير- انظر [الدر النضيد (150)]، و [ضعيف كتاب التوحيد (48، 49)]، و [فتح الله الحميد المجيد (418)، ح 1]، و [فتح المجيد (2/ 732) ح 1]، و [القول المفيد (3/ 66)]، و [النهج السديد (ص 236)]، وقال فيه (وأما الآثار المروية في هذا المعنى فهي مأخوذة من الإسرائيليات كما قال الحافظ ابن كثير) أ. هـ. وابن كثير رحمه الله تعالى لم يجزم بذلك كما جزم صاحب النهج السديد، وأحال عليه بل قال: (وكأنه والله أعلم أصله مأخوذ من أهل الكتاب) أ. هـ. -، وقد رد الحافظ ابن كثير هذه الآثار وعللها بعلل ترجع إلى أربع علل هي ():
1. القدح في (عمر بن إبراهيم) راوي الحديث المرفوع عن سمرة.
2. أنه مروي من قول سمرة نفسه.
3. أن الحسن وهو الراوي عن سمرة فسر الآية بغير هذا
ولو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعًا لما عدل عنه.
4. أن الظاهر في هذه الآثار أنها مأخوذة من أهل الكتاب، قال: (وكأنه- والله أعلم - أصله مأخوذ من أهل الكتاب، فإن ابن عباس رواه عن أُبَيِّ بن كعب) أ. هـ.
والجواب عن هذه العلل كما يلي:
أما العلة الأولى فردها: أنه قد ورد هذا الحديث عن سمرة رضي الله عنه مرفوعًا من غير طريق عمر بن إبراهيم هذا كما قاله ابن كثير نفسه حيث قال: (ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعًا) أ. هـ. وهذا إسناد صحيح إلى الحسن فسقطت هذه العلة.
وأما العلة الثانية: فردها من وجهين:
الأول:
أن الموقف من حديث سمرة مختصر بخلاف المرفوع وإسناد المرفوع غير إسناد الموقوف، وكلا الإسنادين صحيحان إلى الحسن، فالمتنان ليس نصهما واحدًا، والإسنادان غير متفقين حتى يقال أخطأ بعضهم فرفع الموقوف.
الثاني:
أن الموقوف لا يعلل به المرفوع دائمًا بل بحسب القرائن، وهنا لا يعتبر الموقوف علة يعلل بها المرفوع لأن الموقوف على سمرة رضي الله عنه في حكم المرفوع أصلاً، فإن مثل هذا من أخبار الغيب فلا يتلقى إلا بالوحي.
وأما الجواب عن العلة الثالثة فمن وجوه:
الوجه الأول:
عدم التسليم بثبوت ذلك عن الحسن رحمه الله تعالى وأما قول ابن كثير رحمه الله - بعد ما ذكر الأسانيد عن الحسن في ذلك -: (وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رحمه الله أنه فسر الآية بذلك) أ. هـ. ففيه نظر، بيانه كما يلي:
أما الإسناد الأول فهو من طريق ابن وكيع ثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن، وهذا إسناد تالف فيه (عمرو ابن عبيد) المبتدع وهو متهم في روايته، وكذبه غير واحدٍ فيما يرويه عن الحسن كما في كتب الرجال ().
¥