تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الجواب عن الأول: أن يُقال: إن المخاطَبين في الآية الأولى هم المنافقون، والمخاطَبون في الثانية هم المؤمنون، لأنه قال في الأولى: (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ)، والثانية: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ) ثم قال: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) وإذا اختَلَف المخاطَبون بما بيّنا في الآيتين كان قوله: (َوسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) بعد قوله: (قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ) معناه أن الله قد أخبرنا بأخباركم التي تُخفونها في أنفسكم وتُجاهِرون بها مَن كان مِن المنافقين مثلكم، والله يَرى ما سيكون منكم بعد، ويَرى رسوله بإطْلاع الله له عليه، وأعمالهم التي لأجلها يُحكم عليها بالنفاق يَراها الله تعالى ويَطّلع عليها رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كل مؤمن يعلمها، فلذلك لم يَقُل في هذا المكان: (وَالْمُؤْمِنُونَ) بعد قوله: (َوسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).

وأما الآية الثانية فإنها فيمن أمر الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أوجب عليهم الصدقات بأن يقول لهم: اعملوا ما أمركم الله به من الطاعات كالصلوات والصدقات، فإن الله ورسوله والمؤمنين يَرون ذلك، وهذه الأعمال مما تُرى بالعين خلاف أعمال المنافقين التي تقتضي لهم النفاق لإضمارهم، وهو مما لا يُرى بالعين، وإنما يَعلمه عالِم الغيب، فلذلك لم يُذكر المؤمنون في الأولى، وذُكِروا في الثانية.

الجواب عن المسألة الثانية:

إن معنى قوله للمنافقين: (لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) أي: سيَعلم الله حقيقة عملكم، وأنه من غير صحة اعتقاد منكم، وأن اعتذاركم قول بلسانكم لا يُطابِقه منطوى ضميركم، وهذا ظاهر بكون الجزاء عليه خلافه، ففصَل بينه وبين ردّهم إلى الله تعالى للجزاء عليه بقوله: (ثُمَّ تُرَدُّونَ) أي: عَملكم يَعلم الله مِن باطِنه خلاف ظاهره، وقد أُمِرنا بالرضاء به، وحَقْن دمائكم له، ثم إن الْحُكم إذا رُددتم إلى الله تعالى في الآخرة بخلافه، فلِبُعد ما بين الظاهر من عملهم وما يُجازون به دَخَلتْ " ثم "، وليست كذلك الآية الأخيرة؛ لأن ما قبلها بعثا على عمل الخير، لقوله: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) وهذا وعْد، والأول وَعيد، وبعده (وَسَتُرَدُّونَ) لأنه وَعْد مما يُشاكِل أفعالهم، ويُطابِق أعمالهم من حُسن الثواب وجميل الجزاء، ولم يَبْعُد عنها كَبُعْد جزاء المنافقين عما هو ظاهر من أعمالهم التي يُراؤون بها، ويَعلم الله تعالى خلافها منهم، فَجَرى الكلام على نسق واحد، فقال: فَسَيَرى الله عملكم وستُردّون، ولم يُدخِل " ثم " التي هي للتراخي والتباعد، فاختصاص كل موضع بما اختصّ به من اللفظ لما ذَكَرْنا. اهـ.

والله تعالى أعلم.

http://www.almeshkat.net/index.php?pg=qa&ref=914

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Sep 2008, 05:17 ص]ـ

وهناك أمر آخر:

وجدت هذا الحديث في تفسير الطبري:

2185 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن حباب قال، حدثنا عكرمة بن عمار قال، حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فمُرّ عليه بجنازة، فأثنِيَ عليها بثناء حَسن، فقال: وجبت! ومُرَّ عليه بجنازة أخرى، فأثنِيَ عليها دون ذلك، فقال: وجبت! قالوا: يا رسول الله، ما وجبت؟ قال: الملائكة شُهداء الله في السماء، وأنتم شهداء الله في الأرض، فما شهدتم عليه وجب. ثم قرأ (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) الآية [سورة التوبة: 105].

قال أحمد شاكر في تحقيقه للكتاب:

(2) الحديث: 2185 - وهذا إسناد صحيح، على شرط مسلم.

زيد بن الحباب -بضم الحاء المهملة وتخفيف الموحدة- العكلي: ثقة من شيوخ أحمد وابن المديني وغيرهما من الأئمة، وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 2/ 1/358، وابن سعد 6: 281، وابن أبي حاتم 1/ 2/561 - 562.

عكرمة بن عمار العجلي: ثقة، روى عنه شعبة والثوري ووكيع وغيرهم. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 4/ 1/50، وابن سعد 5: 404، وابن أبي حاتم 3/ 2/10 - 11.

إياس بن سلمة بن الأكوع: تابعي ثقة كثير الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو قد سمع من أبيه الصحابي، وروى له الشيخان وغيرهما أحاديث من روايته عنه. وهو مترجم في التهذيب، والكبير للبخاري 1/ 1/439، وابن سعد 5: 184، وابن أبي حاتم 1/ 1/279 - 280. ورجال الصحيحين، ص: 47.

والحديث ذكره السيوطي 1: 145، باختصار في آخره. ونسبه لابن أبي شيبة، وهناد، وابن جرير والطبراني. ونقله الهيثمي في مجمع الزوائد 3: 4 - 5، عن إسنادين للطبراني في الكبير، في كل منهما رجل ضعيف. فيستفاد تصحح الحديث بهذا الإسناد الصحيح عند ابن جرير. وفي المطبوعة: "فما شهدتم عليه وجبت"، والصواب ما أثبت " أهـ

وورد في صحيح البخاري:

وَقَالَتْ عَائِشَةُ إِذَا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرِئٍ فَقُلْ

{اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}

وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ أَحَدٌ.

فكأنها رضي الله عنها تريد أن تقول لا أزكيه على الله تعالى باستشهادها بهذه الآية.

والله أعلم وأحكم,

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير