أرجو الإفادة من مشايخنا الكرام بارك الله فيهم.
السلام عليكم
قبل إبداء الرأي في المسألة ينبغي توضيح أمر مهم ألا وهو عدم العمل بأي صورة من صور التلقي عند القدامي إلا صورة التلقي المباشر، وهو أن يقرأ الطالب والشيخ يسمع ويصحح له.
أما الإجازة ببعض القرآن فضابطه في هذا الزمان أن يكون إماما مشهورا بالإمامة وقد قضي عمرا طويلا في التصدي للإقراء وأراد أن يرفع سنده فله ذلك.
أما أن نكتفي في هذه المسألة بأن يكون مسندا من شيخ آخر ويُسمح له بالسند العالي أري أن هذا أكبر سبب من أسباب ضعف التلقي لذهاب أكثر الناس لهذا الشيخ فيأتي الخلل من هنا. فيفوت علي الطالب إتقان بعض الأداءات.
وفي الحقيقة أن شيخا واحدا في القراءة لا يكفي لما يعتريه من الشغل في أثناء القراءة أو النوم أو أي عذر من أعذار الانشغال فيفوت علي الطالب بعض الأداءات المهمة فيكون الخلل. وإذا واجهه أحد بخطئه قال " هكذا قرأته علي شيخي ".
أما الصورة المتقدمة من سؤال الشيخ محمد الأهدل فهي إجازة غير معتبرة عند الحذاق لأنه لابد من مشافهة كاملة، وهذا الكلام عقلا ونقلا:
أما العقل: إن الطالب في زماننا قد يكرر كلمة أخطأ فيها عدة مرات حتي يتقنها، وربما احتاج للتدرب عليها فترة ـ خاصة الاختلاسات الموجودة في بعض الكلمات القرآنية وخاصة في القراءات، وكذا إدغام السوسي في نحو " المهد صبيا ـ العظم مني " وغيرهما مما يلتقي فيه الساكنان علي غير حدهما. وأيضا الإشمامات في نحو " قيل، وسئ" وغيرهما، وكذا في نحو (الصراط " لمن له الإشمام، ونحو ضبط الروم وقفا، والفرق الدقيق بين التقليل عند ورش في نحو " ذكري" وترقيق الراء في نحو " ذكراً " فالكثير يجعل أداءهما واحدا ولا يلحظ هذا الفرق إلا الشيوخ المهرة، وكذلك الفرق في الأداء بين تغليظ اللامات عند ورش وبين تفخيم اللام من اسم الجلالة ـ.
والكثير من الفروق الدقيقة التي يصعب علي الطالب أن يأتي بها من مرة واحدة فضلا أن يكتفي بالسماع فقط.ولا ينازع في ذلك إلا من لم يجلس علي يدي المشايخ.
وأورد لي الأخ المليجي مثالا فقال:
وفي كتاب "النشر في القراءات العشر" موضع طريف من طرائف التلقي والمشافهة، وهو قوله:
(واخْتَلَفُوا) في: ((أَمْ مَنْ لا يَهِدِّي)) فَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عَامِرٍ ووَرْشٌ بِفَتْحِ اليَاءِ والهَاءِ وتَشْدِيدِ الدَّال، وقَرَأَ أبو جَعْفَرٍ كَذَلِكَ إلاَّ أَنَّهُ أسْكَنَ الهَاءَ، وقَرَأَ حَمْزَةُ والكِسَائِيُّ وخَلَفٌ بِفَتْحِ اليَاءِ وإسْكَانِ الهَاءِ وتَخْفِيفِ الدَّال، وقَرَأَ يَعْقُوبُ وحَفْصٌ بِفَتْحِ اليَاءِ وكَسْرِ الهَاءِ وتَشْدِيدِ الدَّال، ورَوَى أبُو بَكْرٍ كَذَلِكَ إلاَّ أَنَّهُ بِكَسْرِ اليَاءِ.
واخْتُلِفَ في الهَاءِ عَنْ أبي عَمْرٍو وقَالُونَ وابْنِ جَمَّازٍ مَعَ الاتِّفَاقِ عَنْهُمْ على فَتْحِ اليَاءِ وتَشْدِيدِ الدَّال:
فرَوَى المَغَارِبَةُ قَاطِبَةً وَكَثِيرٌ مِنَ العِرَاقِيِّينَ عَن أبي عَمْرٍو اخْتِلاسَ فَتْحَةِ الهَاء، وعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِالإخْفَاءِ وبَعْضُهُمْ بِالإِشْمَامِ وبَعْضُهُمْ بِتَضْعِيفِ الصَّوْتِ وبَعْضُهُمْ بِالإِشَارَة، وبِذَلِكَ وَرَدَ النَّصُّ عَنْهُ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ مِنْ رِوَايَةِ اليَزِيدِيِّ وغَيْرِه.
قَالَ ابْنُ رُومِي: قَالَ العَبَّاسُ: قَرَأْتُهُ على أبي عَمْرٍو خَمْسِينَ مَرَّةً فَيَقُولُ: قَارَبْتَ ولَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا، قَالَ ابْنُ رُومِي: فَقُلْتُ لِلعَبَّاس: خُذْهُ [عليَّ] أَنْتَ على لَفْظِ أبي عَمْرٍو، فَقُلْتُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ: أَصَبْتَ؛ هَكَذَا كان أَبُو عَمْرٍو يَقُولُه .. انْتَهَى))
¥