ـ[محمد أحمد الأهدل]ــــــــ[13 Oct 2010, 07:43 م]ـ
أنبه على أنني هنا لست في مقام الدعوة إلى اكتفاء المتعلمين بسماع القراءة من مشايخهم، أو اعتماد إحدى الكيفيات المذكورة في السؤال، بل الذي أميل إليه وأطمئن هو الأخذ بالأَولى والأكمل الذي هو عرض المصحف كاملاً على الشيخ سواء كان برواية واحدة أو بجمع القراءات، وبقراءة الروايات المفردة رواية رواية زيادة في الإتقان، وقد يسر الله لي بحمده وتوفيقه بعد جمع القراءات القراءة بكثير من الروايات المفردة على بعض الشيوخ ووجدت فيه فائدة أكثر من قراءة الجمع، والذي آخذ به على من يقرأ عليَّ ـ بعد معرفتي لقيمة قراءة الروايات المفردة ـ هو أني أجعل المتعلم يقرأ بكل رواية عدة أجزاء حتى يضبط الأداءات، ثم بعد ذلك يعيد من أول المصحف بالجمع إلى أن يصل إلى آخرة كلمة كلمة، مع مراعاة جميع الأوجه الواجبة، أسأل الله التوفيق والقبول.
أما كلامي هنا فهو بصدد حالات موجودة تلقوا القراءات عن طريق مجموعة، ثلاثة أو أكثر في ختمة واحدة، فما ألحظه من نصوص الأئمة المتقدمين، بل ومن عملهم عدم اشتراط عرض المصحف كاملاً على الشيخ، بل قد يكتفي بعضهم بالسماع، أو عرض بعضه فقط،
ما نقلته عن الكسائي وابن الجزري هو شئ معروف ولا يخالفك فيه أحد.
أقول: هل السماع في زماننا الآن يكفي؟
إذا كان الإمام الدمياطي (ت 1117) لم يكتف بالسماع في زمنه واشترط قراءة الشيخ .. هل نأتي اليوم ونقول بأن السماع كاف؟
أنا لا أقول بأن السماع يكفي مطلقاً، ولكن:
من تلقى شيئاً من القرآن إلى أن يضبط الأحكام، ويصل إلى الإتقان بكثرة الرياضة والتكرار فهذا ـ من وجهة نظري ـ لا فرق بين سماعه وسماع المتقدمين، أما ما ذكره الإمام الدمياطي رحمه الله، فقد قال به غيره أيضاً ممن هو أقدم منه، ولكنه اجتهاد لا دليل عليه.
أخي الحبيب مهما نقلت من نصوص القدامي فإن الواقع سوف يخالف نقلك، فالأمور تقدر بقدرها.
هذا زمانٌ للعامية دور كبير في تغير الألسنة، وللغات الأجنبية كذلك دور كبير في تغير الألسنة، فشاهد أنت من كانوا معك في القراءة والصعوبة التي يجدونها في النطق.
هذا ما أعنيه
أما تغيُّر الألسن وفسادها فليس بدايته هذا الزمان، بل من زمن التابعين، وعصر الكسائي أو ابن الجزري أيضاً توجد فيه فساد الألسن، وإن كان ـ قطعاً ـ أقل فساداً من هذا الزمن، إلا أن اكتفاءهم بالسماع مع وجود تغير الألسن بشرط الإتقان كما شرط ابن الجزري فيمكن أن يقال به في هذا الزمن مع اشتراط الإتقان والأهلية.
ليس كل شئ في القراءات يكون في الأجزاء الأولي من القرآن فقد تجد (تأمنا ـ لدني ـ يخصمون ـ يهدي) وغيرها من القراءات التي تحتاج لكثرة التكرار حتي يتقنها المرء ليست في أول الأجزاء.
شيخنا الكريم بارك الله فيك:
هذه الأحكام التي تفضلت بذكرها يمكن أن يقرأها كل واحد على الشيخ ثم يدرب نفسه عليها حتى يتقنها، وحتى من يعرض على الشيخ ختمةً كاملة في الغالب هو لا يقرأ هذه الكلمات على الشيخ إلا مرة واحدة ثم بعد ذلك يحافظ على نطقها السليم بكثرة الرياضة، بل بعضهم قد يعرض على الشيخ ختمة كاملة ومع ذلك يظل عنده خلل في مثل هذه الكلمات.
وقولكم في االفرق بين اللام عند ورش ولام اسم الجلالة حيث قلتم وهنا وقفة مهمَّة، وهي أن الذي تلقيناه عن مشايخنا، ونسمعه من الشيوخ المتقنين أنه لا فرق بينهما، ولم أقف على نص من نصوص الأئمة يفرق بينهما، فإن وُجِد نصٌّ فعلى العين والرأس.
بداية أقول انطق كلمة (نعمة الله) وانظر لتفخيم اللام، ثم انطق كلمة (مصلي) مثلا لورش، وانظر لوضع اللسان عندك ستجد تغايرا، أو يمكنك سماع الحصري رح1و الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رح1في رواية ورش ستجد تغايرا صوتيا واضحا. هذا من جهة الأداء العملي.
من خلال نطقي للكلمتين، أو سماعي للشيخ المقرئ الحصري رحمه الله لم ألحظ فرقاً بين لام لفظ الجلالة المفخمة، واللام التي اختص ورش بتفخيمها، بل كلاهما لام مفخمة وضعية اللسان فيهما مستوية، والله أعلم.
أما من جهة النصوص " كثيرة لا تقلق " ـ إن شاء الله في بحث " لمحات في متن الشاطبية " ستجد هذه المسألة عند تعرضي لقول الشاطبي في باب اللامات (وغلظ ورش فتح لام ... ) وقوله في لام اسم الجلالة (كما فخموه بعد فتح وضمة) ولم غاير بين اللفظين (غلظ ـ فخم).
شيخنا الفاضل عبد الحكيم حفظك الله:
لا يمكن أن يكون المغايرة بين (غلظ ـ فخم) نصًّا على أن هناك فرق بينهما في التطبيق، بل هما لفظان مترادفان، مؤداهما واحد،
قال ابن الجزري (النشر 2/ 111ـ115):
" تقدم أن تغليظ اللام تسمين حركتها، والتفخيم مرادفه، إلا أن التغليظ في اللام والتفخيم في الراء".
وقال عن مذهب ورش:
" ورووا من طريق الأزرق وغيره عن ورش تغليظ اللام إذا جاورها حرف تفخيم ... ".
ثم قال عن المفخمة إجماعاً:
" أجمع القراء وأئمة أهل الأداء على تغليظ اللام من اسم الله تعالى إذا كان بعد فتحة أو ضمة ... ".
فلم يغاير بينهما، ولو كان هناك فرقاً بينهما لبيَّنه، والله أعلم.
فمن ذكر أنه يوجد فرق بينهما من الشراح؟
¥