تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يبقى تنزيل هذا الإعراب على المعاني السابقة، قال مكي: "فالمعنى: يرسل عليكما لهب من نار، ويرسل عليكما دخان؛ فهو المعنى الصحيح وهو الاختيار" ([34] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn34)).

وقس على ذلك المعاني الأخرى؛ كأن تقول مثلا: يرسل عليكما لهب من نار وصُفر مذاب، أو تقول: يرسل عليكما دخان من نار ولهب لا دخان فيه، وهكذا.

المطلب الثاني: توجيه قراءة الخفض:

يتلخص من أقوال أهل العلم في قراءة الجر من قوله تعالى: {وَنُحَاسٌ} ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنه معطوف على: (?) لفظا ومعنى، وقد استشكل بعضهم هذا الإعراب ([35] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn35))، ولكن لا إشكال فيه؛ لأنه يمكن حمله على بعض المعاني المتقدمة، ويجعل التقدير: يرسل عليكما لهب من نارٍ وصفرٍ. أو يحمل على قول أبي عمرو بن العلاء المتقدم: إن الشواظ النارُ والدخانُ معا، وتكون ?مِن? بيانية، والتقدير: يرسل عليكما شواظ؛ وهو النار والنحاس ([36] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn36)).

القول الثاني: أنه معطوف على: (?) لفظا، وعلى: {شُوَاظٌ} معنى ([37] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn37))، وهذا ما يسمى عند اللغويين بالخفض على المجاورة، وأحسن ما وقفت عليه في هذا التوجيه قول ابن عبد البر، في التمهيد: "وقد وجدنا العرب تخفض بالجوار ... كما قال زهير:

لعب الزمانُ بها وغيرها ـــ ـ ـ ـــ بعدي سوافي الْمُورِ والقطرِ

قال أبو حاتم كان الوجه: القطرُ بالرفع، ولكن جره على جوار: الْمُورِ؛ كما قالت العرب: (هذا جحرُ ضبٍّ خربٍ) فجرته وإنما هو رفع، وخفضه بالمجاورة، ومن هذا قراءة أبي عمرو: ?يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٍ? بالجر لأن النحاس الدخان" ([38] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn38)).

وعلى هذا التوجيه يرجع المعنى إلى قراءة الرفع.

القول الثالث: أن يكون في الكلام موصوف محذوف، ويكونَ قول ربنا جلَّ وعزَّ: {وَنُحَاسٌ} مجرورا بـ (مِن) المحذوفة لدلالة ?مِن? السابقة عليها، وهذا المحذوف قدروه بأنكرِ النكرات، وهو (شيء)، والتقدير: يرسل عليكما شواظ من نار وشيءٌ من نحاس، فـ (من نحاس) جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لـ (شيءٌ)، أي: وشيء كائن من نحاس. قال أبو إسحاق الزجاج: "ومِن حذفِ الموصوف ... قراءة من قرأ ?يرسل عليكما شواظ من نارٍ ونحاسٍ? بالجر، تقديره: وشيءٌ من نحاس، فحذف الموصوف؛ إذ لا يجوز جر ?نحاسٍ? على النار، لأن النحاس لا يكون منه شواظ" ([39] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn39)).

وعلى هذا التوجيه يرجع المعنى إلى قراءة الرفع أيضا.

المبحث الثالث: بيان وجه الإعجاز في الآية

إن كلام الله عز وجل شأنه عجاب، تحار في محاسنه الألباب، ولا تكاد تنقضي لسحره الأسباب، أخذ من الفصاحة والبلاغة كل لُباب، وطرق من المعاني والبيان كل باب، فانظر إلى هذه الآية ـ على قلة كلماتها ـ كم حوت من معان، وكم احتملت من تأويلات حسان، ولقد ساهم في تعدد تلك المعاني أمران، وهما الاشتراك الذي في الشواظ والنحاس، فقد تقدم أنهما يدلان على معان كثيرة، والقراءتان اللتان في قوله تعالى: {وَنُحَاسٌ}.

هذا، ويمكن ذكر بعض المعاني التي تدل عليها الآية تخريجا على ما تقدم، فيقال:

· يرسل عليكما لهب من نار ودخان.

· يرسل عليكما لهب من نار ودرديُّ زيت مغلي.

· يرسل عليكما لهب من نار وصُفر مذاب.

· يرسل عليكما دخان من نار ودردي زيت مغلي.

· يرسل عليكما دخان من نار وصُفر مذاب.

· يرسل عليكما دخان من نار ولهب لا دخان فيه.

وهذه المعاني وغيرها يمكن إرجاعها إلى قول من أقوال المفسرين حسب ما تقدم.

ولقد أفادت قراءة الجر معنى جديدا، وهو أن الشواظ قد يراد به النار والدخان معا، فيكون قول الله تعالى: ?من نار ونحاسٍ? بيانا للشواظ، قال الدكتور أحمد الخراط: "فقد أجملت هذه القراءة نوع العذاب، فهو شواظ مركب مؤلف من نار ودخان، فالنار تحرق، والدخان يخنق، وهذا العذاب يهيمن عليهم دفعة واحدة" ([40] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_edn40)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير