ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Oct 2010, 06:12 ص]ـ
فتح الله عليكم ووفقكم للعلم النافع، والعمل الصالح.
موضوع قيم وفوائد دقيقة كعادتكم يا أبا عمر.
ـ[محمد أحمد الأهدل]ــــــــ[23 Oct 2010, 05:15 م]ـ
فضيلة الشيخ العلامة المقرئ عبد الحكيم عبد الرازق: لله دركم، وهنيئا لكم على هذا الحق الأبلج، ولا زلتم توشحون هذا الملتقى بتحقيقاتكم البارعة، وبحوثكم الرائعة، جزاكم الله خيرا.
يبدو أن مسألة) هنيئا (أيضا تثير إشكالا؛ فقد أشكل علي كلام العلامة محمد إبراهيم محمد سالم في "فريدة الدهر" (2/ 522 – 523 وهامش 1/ 869)؛ إذ قيد إبدال وإدغام) هنيئا (لأبي جعفر بكونها مع) مريئا ((أي: في سورة النساء) ونص على أن) هنيئا (في المواضع الأخرى لا تبدل ولا تدغم في طريق من طرق أبي جعفر، وهو تقييد لم أقف على ما يساعده من النصوص؛ فعبارة المحقق ابن الجزري في النشر 1/ 405: "وأما) بريء (و) بريئون (حيث وقع و) هنيئا (و) مريئا (وهو في النساء"، فقد أطلق) هنيئا (ثم عطف عليها) مريئا (وكذلك عاطف بين الكلمتين في تقريب النشر (ص: 112 ط. دار الحديث)؛ فقوله: "و) مريئا (" ليست تقييدا لـ) هنيئا (وإن لا لما استعمل واو العطف بين الكلمتين، وقوله: "وهو في النساء" ليست تقييدا لـ) هنيئا (وإن لا لما استعمل واو العطف بين الكلمتين، ولما استعمل ضمير المفرد "هو"، ولو كان يعني الكلمتين لقال: "وهما"، وهي أيضا ليست تقييدا لـ) مريئا (لأن هذه الكلمة لم تقع في القرآن إلا مرة واحدة، فلا تحتاج إلى تقييد؛ بل جرى المحقق هنا على عادة المقرئين في ذكر سورة الكلمة أو ذكر ما يتبعها مع عدم الحاجة إلى التقييد، كما يقول المحقق في النشر في باب الهمز المفرد: 1/ 396: "وفي) خاسئا (في الملك، وفي) ناشئة الليل (في المزمل، وفي) شانئك (وهو في الكوثر". فكل هذه الكلمات لم تتكرر في القرآن ولا تحتاج إلى تقييد بسورتها، وإن كان المقرئون يذكرون سورها من باب الإيضاح.
وقد نص الشيخ النشار في "البدور الزاهرة" (2/ 325 ط. عالم الكتب) على وجه الإدغام في) هنيئا (لأبي جعفر في سورة الطور.
ونص كذلك الإمام المنصوري في "إرشاد الطلبة إلى شواهد الطيبة" (ص: 241 و 265 ط. دار الصحابة) على أن) هنيئا (في الطور والحاقة داخلة في قول الطيبة (البيت: 226):
"هيئةَ أدغم مع بري مري هني".
ومن أدلة عدم التقييد أن ابن الجزري في "الطيبة" قدم) مريئا (على) هنيئا (فقال (البيت: 226):
"هيئةَ أدغم مع بري مري هني"
وكذلك فعل ابنه في الشرح (ص: 95، ط. دار الكتب العلمية)، وقد فصل الشيخ الأبياري في "منحة مولي البر" بين الكلمتين فقال (ضمن فريدة الدهر: 1/ 869):
"وادغم هنيئا وبريئا ومري".
ولو كانت) بريء (و) هنيئا (مقيدتين لنص المحقق على تقييدهما كعادته، كما نص مثلا على تقييد) رأى (للإصبهاني في قوله في الباب نفسه من "الطيبة" (في البيتين: 227 - 228):
أصفا رأيتهم رآها بالقصص=لما رأته ورآه النمل خص
رأيتهم تعجب رأيت يوسفا=تأذن الأعراف بعد اختلفا
فالظاهر إذن من هذه النصوص أنه لا فرق بين) بريئا (كيف تصرفت، و) هنيئا (حيث وقعت؛ ففيهما الإبدال والإدغام لأبي جعفر من الطرق المذكورة. والله أعلم.
فهل نص أحد من المقرئين على هذا التقييد قبل المعاصرين؟
نعم لفظ (((هنيئاً))) يثير إشكالاً كبيراً، ولكن لعلَّ الإشكال والله أعلم هو صيغة عبارة النشر، وجميع من نعرف من الشيوخ يقييدونها بموضع النساء غير أني قبل أكثر من ثلاث سنوات أخبرني أحد تلاميذ الشيخ أبي الحسن، محمد بن حسن البوصو السنغالي أن الشيخ أبا الحسن البوصو يرى أن الإدغام لأبي جعفر في (((هنيئاً))) عامٌّ وليس مختصًّا بموضع النساء، وقد وقفت سابقًا أتأمَّل الضمير (وهو) في "النشر" وكان يبدو لي أن الخطأ في الواو العاطفة، فكنت أقول لعل الصواب: " (((هنيئاً مريئاً))) وهو في النساء ... " بدون الفصل بينهما بالواو، لما سيأتي:
ـ في كتاب الكامل للهذلي ص (372) هكذا:
"واتفق أصحاب أبي جعفر وشيبة على ترك همز (((بريء)))، و (((بريئون)))، و (((هنيئاً)))، (((مريئاً)))، و (((كهيئة))) ... ".
فيلاحظ أنه ليس فيه واو عاطفة بين (((هنيئاً))) و (((مريئًا))).
ـ وفي "المبسوط في القراءات العشر" لابن مهران ص (105) وإن لم يكن من أصول النشر:
"وزاد أبو جعفر ترك الهمز من قوله: (((ثم يرم به بريئاً))) [النساء 112] (((وأنا بريّ))) [هود 25ويونس 41] و (((أنتم بريئون))) [يونس 41] و (((هنيئاً مريئاً))) [النساء 4] ... ".
ـ وفي "إرشاد المبتدي" للقلانسي ص (99):
"فإن تحركت الهمزة وسكن ما قبلها وكان الساكن حرف مد، فإن السلمي والحنبلي والأهوازي يقلبون الهمزة إلى الياء ويدغمون الياء الأولى فيها، كقوله: (((هنيئاً مريئاً)))، و (((بريئون)))، و (((بريء))) ".
فهذه بعض النصوص التي وقفت عليها وهي تفيد أن (((هنيئاً))) مقيد بموضع النساء، فهذا ما تيسر لي تسطيره الآن، ولعل الشيخ الفاضل عبد الحكيم حفظه الله يشبع هذه المسألة بحثاً كما عهدناه، والله تعالى أعلم.
¥