وقد انتدب لها الأئمة يشرحونها ويعلقون عليها ويقرظونها تنبيها منهم على مقدارها وجدارتها، وينظمون في تفصيل بعض ما أجمله منها، مما يعتبر داخلا بجملته في إشعاعها العلمي، وحافزا لقرائح أئمة هذا الاختصاص للاحتذاء والمحاذاة، أو للمعارضة والمحاكاة، أو الاستدراك ببعض ما فات الناظم أو ذكره على سبيل الإجمال ...
أما شراحالأرجوزة فمنهم:
1 - الشيخ ابن غازي ناظمها نفسه، فهو أول من قام عمليا بشرحها وبيان مقاصده فيها، وقيامه على ذلك في قريب من ثلاثة عقود من الزمن منذ نظمه لها سنة 891 إلى وفاته سنة 919هـ.
بل نجده فوق ذلك قام بخطوة أخرى في هذا الصدد تعتبر من مظاهر نبله وفقهه لفن "الإشهار" في زمن لم يكن له خبرة فيه ولا فيه وسائله، وذلك ما حكاه عنه أبو زيد القصري المعروف بالخباز - كما سيأتي في شراحه - قال:
"وكان ناظمه - رحمه الله - لما أن أكمله دعا طلبة عصره إلى "مدرسة الصفارين"، وصار يفسره لهم حتى كمل في يوم واحد" ([16] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn16)).
فهذا الأسلوب الذي سلكه - رحمه الله - في التعريف برجزه هذا يبدو أشبه ما يكون من حيث شكله بـ"الإشهار" الرسمي أو "الإعلان" عن تمام هذا الإنجاز العلمي، وهو من حيث مضمونه وثمرته أشبه ما يكون بفن المحاضرات العصرية التي يدعى إليها الجمهور العام، إلا أنها في إقامتها في "مدرسة الصفارين" بفاس تعني جمهورا خاصا من أهل الخبرة في ذلك الفن، وهو ما عبر عنه الخباز بـ"طلبة عصره".
وأهم ما في ذلك هو إشعار أهل الاختصاص أولا بهذا الإنجاز، وعرضه عليهم حتى إذا كان فيه ما يستلزم المراجعة نبهوه عليه، أو ما فيه غموض بينه لهم "وصار يفسره لهم حتى كمل في يوم واحد".
ثم إن فيه من الجوانب العلمية ما فيه من حفز الهمم إلى المنافسة في العلم ويذله لأهله، وفيه إتاحة الفرصة لمن أحب أن يقيد عنه ما أراد من المعاني حتى لا تحمل أبياته على غير محاملها الصحيحة.
ويؤكد لمن أحب أن يقيد عنه ما أراد من المعاني حتى لا تحمل أبياته على غير محاملها الصحيحة.
ويؤكد ذلك ما سيأتي من تعديله لبعض أبيات أرحوزت تبعا لبعض ملاحظات أصحابه وانتقاداتهم ([17] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn17)).
ولعل صاحبه محمد شقرون بن أبي جمعة الوهراني الذي نظم لاميته الآنفة الذكر المسماة بالتقريب أو "تقريب المنافع"، إنما أراد بها توسيع ما تناوله شيخه من مسائل الخلاف في أرجوزته، وذلك لأنه إنما نظمها سنة 899هـ أي بعد أرجوزة التفصيل بنحو ثمان سنوات. ([18] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn18)).
2- أبو زيد عبد الرحمن بن محمد القصري ثم الفاسيالمعروف بالخباز (ت 964هـ) ([19] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn19)).
لعل أبا زيد الخباز هو أول من شرح هذا الرجز بعد الشرح العملي أو الشفوي الذي أخذ عن ناظمه كما قدمنا، وشرحه هو المعروف باسم "بذل العلم والود، في شرح تفصيل العقد".
أما مؤلفه فهو من أئمة المدرسة النافعية في المائة العاشرة، وصفه في "مرآة المحاسن" بالنحوي الماهر الأستاذ"، وهو من شيوخه جود عليه القرءان العزيز، وقرأ عليه رسالة ابن أبي زيد وغيرها.
أخذ القراءات عن الإمام أبي الحسن علي بن عيسى الراشدي - الآتي في أصحاب ابن غازي - ودرس عليه العشر الصغير لنافع من "التفصيل" لابن غازي وألف في ذلك وفي غيره ([20] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn20)).
ومن تآليفه في ذلك شرحه على التفصيل، وهو شرح قيم لعله أحش بالحاجة إلى مثله من تعاطيه لهذا الفن، وشرحه هذا يعتبر من أهم مصادر المتأخرين في فهم هذه الأرجوزة، ولذلك شاعت نسخه عندهم كما أن منها عددا مهما في الخزائن الرسمية ([21] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&p=125359#_ftn21)) وغيرها، وقد وفقت على عدد منها.
وقد بدأه بقوله: "الحمد لله الغفور، الفرد الموجود الشكور، منور قلوب العارفين بالهداية والتقوى والنور، العالم بجميع الكائنات وجميع الأمور ...
¥