وأظهِرَنَّ لامَ فعْلٍ مُطلَقَا * في نحْوِ قُلْ نعَمْ وقُلْنَا والْتَقَى اهـ
سؤال
قد يسأل سائل: لِمَ لَمْ تدغم لام الفعل في النون في نحو: {قُلْ نَعَمْ} للتقارب أو للتجانس الذي بينهما كما أدغمت لام التعريف في النون؟
والجواب
يقول ابن الجزري ـ رحمه الله ـ:
: فإن قيل لم أدغمت اللام الساكنة في نحو: النار والناس، وأظهرت في نحو: قل نعم، وكل منهما واحد؟ قلت: لأن هذا فعل قد أعل بحذف عينه (قلت ـ سامح ـ: أصله (قول) فالتقت واو ساكنة مع لام ساكنة للجزم فحذفت الواو تخلصا من التقاء الساكنين)، فلم يعل ثانياً بحذف لامه (بالإدغام)، لئلا يصير في الكلمة إجحاف، إذ لم يبق منها إلا حرف واحد. و (ال) حرف مبني على السكون لم يحذف منه شيء، ولم يعل بشيء، فلذلك أدغم، ألا ترى أن الكسائي ومن وافقه أدغم اللام من (هل وبل) في نحو قوله: (هل تعلم) و (بل نحن) ولم يدغمها في قوله ـ تعالى ـ: (قل نعم) و (قل تعالوا).
اعتراض
فإن قيل: قد أجمعوا على إدغام (قل ربي) والعلة موجودة؟ قلت: لأن الراء حرف مكرر منحرف فيه شدة وثقل، يضارع حروف الاستعلاء بتفخيمه واللام ليس كذلك، فجذب اللام جذب القوي للضعيف، ثم أدغم الضعيف في القوي على الأصل، بعد أن قوي بمضارعته بالقلب، والراء قائم بتكريره مقام حرفين كالمشددات فاعلم.
وأما النون فهو أضعف من اللام بالغنة، والأصل أن لا يدغم الأقوى في الأضعف، ألا ترى أن اللام إذا سكنت كان إدغامها في الراء إجماعا، ولا كذلك العكس. وكذلك إذا سكنت النون كان إدغامها في اللام إجماعا، ولا كذلك العكس، وهذان سؤالان لم أر أحداً تعرض إليهما. أ. هـ التمهيد لابن الجزري
والذي يبدو لي تأثرابن الجزري بفكرة أبي شامة وبعض وجهة عبد الوهاب القرطبي قال أبو شامة:
(فإن قلت لم أدغم ـ يعني من يدغم من القراء ـ (هل ترى، بل تأتيهم) ولم يدغم (قل تعالوا) قلت: لأن (قل) فعل قد أعل بحذف عينه فلم يجمع إلى ذلك حذف لامه بالإدغام من غير ضرورة، وبل وهل كلمتان لم يحذف منهما شيء فأدغم لامهما، فإن قلت فقد أجمعوا على إدغام (قل ربي) قلت: لشدة القرب بين اللام والراء وبعد اللام من التاء والله أعلم. أ. هـ إبراز المعاني لأبي شامة
قلت: مسألة البعد هذه غريبة وسأبينها في قول الملاعلى
وقد أجاب غيره فقال: (النون الساكنة إذا وقع بعدها لام يجب إدغامها فيها بغيرغنة ولا يصح أن يدغم في النون شيء مما أدغمت هي فيه؛ خشية زوال الألفة بين النون وأخواتها من حروف "يرملون". (قال الملا على: حروف (يرملون) كذا أطلقوه ومرادهم سوى النون)
وقد يَرِدُ اعتراض على ذلك بأن لام "أل" تدغم في النون في نحو: "النَّاسِ" فلماذا لا تدغم لام الفعل في النون كذلك؟
والجواب:
أن لام "أل" مع النون كثيرة الوقوع في القرآن، فهي أحوج إلى الإدغام تسهيلا للنطق بخلاف لام الفعل قبل النون فهي قليلة الوقوع في القرآن، وإظهارها ليس فيه مشقة، والعمدة في ذلك كله هو السماع والنقل .. أ. هـ انظر: المنح الفكرية، فتح الملك المتعال شرح تحفة الأطفال، و غاية المريد، و هداية القارئ ,
سؤال آخر
قد يسأل سائل: لم لم تدغم لام الفعل في التاء كقوله: (فالتقمه) وقد أدغمت لام التعريف في التاء والجواب: لبعد المخرج (هذا قول الملا على القاري وقاله من قبل أبو شامة) وهو ينافي الإدغام وأما إدغام لام التعريف في التاء فلكثرة استعمالها ولعل هذا وجه استثائها لئلا تشتبه بها ويجري عليها حكمها.
وهذا ـ أيضا ـ يفرق بين (قل نعم) وبين (النعيم)
ثم ـ أيضا ـ (التقمه) كلمة واحدة فيحصل بإدغامهما إجحاف بالبنية ولا يحصل في كلمتين نحو (التوبة) لأن ال كلمة وتوبة كلمة أخرى. أ. هـ المنح الفكرية
¥