تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هذا الخبر, بالنسبة لخالي الذهن, لا يثير أية شكوك, فالشيخ عبد الفتاح القاضي غني عن التزكية في مجال القرآن وعلومه, وليس غريبا من عملاق مثله, وهب نفسه للقرآن قراءة وإقراء, أن يضطلع بإقراء شاب تقي ذكي طموح, وفد من بلد, تكاد تكون فرص الحصول على مثل القاضي فيه منعدمة, وبينهما من معقول فارق العمر ما يجعل التردد في قبول ذلك عنادا ومِرَاءً, كما أن الشيخ المظفر نفسه معروف بجمال الصوت وتقوى القراءة وسهولة الأداء وعذوبة النغمة والحرص على توفية الحروف حقوقها ومستحقاتها في لحن عربي أصيل وتحزين يتناغم مع معاني الآيات والمقام الذي يسلكه تناغما يجعل المستمع إليه لا يَمَلُّهُ.

بعض الروايات عن غير "هادي العيادي" تقول بأن المظفر قرأ في الشام وفي مصر. ولا نعرف مدى صحتها, إلا أن واحدة منها لم تذكر شيخا معينا في هذين القطرين القرآنيين.

ولا نشك في أن المظفر قرأ عليه, فطابع "القاضي" يظهر جليا في قراءته, لكن المظفر لا يكاد يقرأ من طريق الشاطبية, التي, لا شك انه أخذها على القاضي في الجامعة الإسلامية. وما قرأ في الأشرطة المتوفرة لدينا إلا برواية قالون من طريق الطيبة بدليل إبدال همزة "المؤتفكات" في التوبة واوا وبطريق الاصبهاني عن ورش.

ومعروف أن المقرر في الجامعة الإسلامية هو الشاطبية والدرة, على الأقل في الوقت الذي تواجد فيه القاضي كشيخ والمظفر كطالب في كلية القرآن الكريم.

وإن كان المظفر قد قرأ القرآن من طريق الطيبة على شيخ آخر فلا أحسن من أن يذكره ولو من باب الاعتراف بالجميل ورد الحق إلى صاحبه. لكن الروايات لا تذكر قراءته للشاطبية والدرة, وهو شيء حاصل فعلا, وإنما تلح على الطيبة وعلى عبد الفتاح القاضي بالذات دون غيره

ما كنا لنثير شكوكا حول هذا الموضوع أصلا, أولا لثقتنا بالذي أخبرنا, وثانيا لكونه والشيخ المظفر من مدينة واحدة وهي صفاقس التونسية, مضافا إلى أن الشيخ المظفر سجل مصحفا مرتلا بطريق الاصبهاني عن ورش عن نافع, رحم الله الجميع. ولنا من هذه القراءة شريطان [2] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=132992#_ftn2): أولهما من موضع في "آل عمران" إلى موضع في "النساء" وهو غير واضح, وثانيهما من أول سورة الطور إلى آخر سورة الحديد, وهو واضح جدا. لا يمد فيه المنفصل, ولا يقلل رؤوس الآي, ويبدل الهمزة ألفا في "المأوى" وياء في "فبأي" في "النجم" و"الرحمن", وإذا أضيف هذا كله إلى نقل حركات الهمزات إلى السواكن الصحيحة قبلها, وضم ميم الجمع وصلتها بالواو قبل همزات القطع فقط, ونقل "عادا الأولى" وإدغام تنوينها في اللام علمنا أن هذه طريق الاصبهاني عن ورش عن نافع قطعا ومن طريق طيبة النشر أو أصلها في أقوى الاحتمالات.

لكن بالنظر إلى ما أورده عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ في العدد الأول من مجلة كلية القرآن الكريم ص 297 - 320 في ترجمة عبد الفتاح القاضي, شيخه, الذي – وهذا مهم جدا – "شارك في إعداد المجلة [يريد العدد الأول] وتوفي قبل إخراجها" نجد شكوكا في صحة رواية "هادي العيادي", إذ وصف "القارئ" كتاب "أبحاث في قراءات القرآن الكريم""للقاضي" بأنه "خلاصة آراء الشيخ" القاضي وأن التحريرات في رأي القاضي في هذا الكتاب "اختيارات لا تلزم إلا مصنفيها" وهذا يعني فقط أن القاضي على فرض أنه قرأ القرآن من طريق الطيبة, لا يرى ضرورة الالتزام بتفصيل الطرق خوفا من التركيب وأن ما صح سنده وتحققت قرآنيته تجوز القراءة به, لأنه إما أن يكون قرآنا صحيحا فتجوز القراءة به بغض النظر عن نسبته إلى طريق من طرق الورود أو يكون غير صحيح فلا تجوز القراءة به أصلا , ولا توجد قراءة صحيحة في بعض الأحوال على غرار جدلية "المحلى بالآثار" لابن حزم في مناقشة المالكيين حول ما يجوز أو يمنع للمتيمم فعلُه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير