والمسح مؤقت وليس مطلقا، بل هو يوم وليلة للمقيم وثلاثة بلياليها للمسافر.
* وقد احتج بعض الناس بهذا الحديث على الاكتفاء ببعض الرأس والمؤلف ذكره هنا لهذا الغرض وإلا فالمسح على الخفين وعلى العمامة له باب يأتي ولكن لا حجة فيه لمن زعم ذلك كالشافعية والحنفية يرون الاكتفاء ببعض الرأس.
وذهب الإمام مالك رحمه الله وأحمد وجماعة من أهل الحديث والفقهاء إلى وجوب تعميم الرأس بالمسح وهذا هو الصواب كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث عثمان وغير هما فإن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح الرأس وعمم بدأ بمقدم الرأس ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه وهذا هو المشروع التعميم وعدم الإكتفاء بالبعض.
وأما حديث المغيرة فليس فيه الإكتفاء بالبعض فإنه صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية وكمل على العمامة فلم يقتصر على الناصية حتى يحتج به على جواز المسح للبعض. فإذا كان عليه عمامة مسح بعض رأسه وعلى العمامة.
وإذا كان الرأس مكشوفا مسحه كله هكذا جاءت السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وليس لمن اكتفى بالبعض حجة يحسن المصير إليها.
بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من التعميم لمسح الرأس.
والواجب هو الأخذ بما ثبت من التعميم عن الرسول صلى الله عليه وسلم لمسح الرأس. إلا إذا كان عليه عمامة شرعية فإنه يمسح ما ظهر من الناصية ويكتفي بمسح الباقي فوق العمامة جمعا بين السنتين.
وأما الخفان فيمسح ظاهرهما بيديه اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى وكيف مسح أجزأ كما سيأتي إن شاء الله.
...
الحديث الثالث والخمسون: وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم (ابدأوا بما بدأ الله به) أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر.
ش / جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري وهو صحابي، وأبوه صحابي وأبوه قتل يوم أحد شهيدا رضي الله عنه وأرضاه.
وجابر أحد المكثرين من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث الحج روى غالب ما جاء في الحج رضي الله عنه وأرضاه. وحديثه في الحج منسك مستقل وسيأتي في محله في كتاب الحج إن شاء الله
ومن ذلك أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ابدأوا بما بدأ الله) هكذا رواه النسائي بلفظ الأمر ورواه مسلم بلفظ الخبر (أبدأ بما بدأ الله به) لما أتى الصفا رقيها (إن الصفا و المروة من شعائر الله) قرأ الآية وأول الآية. ـ ثم قال أبدأ بما بدأ الله به وفي لفظ آخر (نبدأ بما بدأ الله) ولفظ النسائي وأبي داوود (ابدأوا بما بدأ الله).
احتج بهذا على أن ما ذكره الله قولا وبدأ به نبدأ به فعلا فكما بدأ في الوضوء بالوجه
(فاغسلوا وجوهكم) نبدأ بالوجه بالوضوء فعلا
بدأ به ربنا سبحانه وتعالى ذكرا وخبرا وأمرا فنبدأ به فعلا. لولا أنه هو الأهم لما بدأ به في أمره جل وعلا في قوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم)) الآية. فنبدأ بما بدأ الله به نغسل الوجه أولا ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم الرجلين وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه رتبها هكذا كما بدأ الله عزوجل فوجب علينا التأسي به صلى الله عليه وسلم والسير على ما سار عليه والترتيب كما رتب عليه الصلاة والسلام 0
...
الحديث الرابع والخمسون: وعنه رضي الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه)) أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف 0
ش / أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف لأن في إسناده من لا يحتج به 0
والمؤلف ذكره هنا ليعلم حاله وأنه ضعيف لكنه رحمه الله لم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على أن المرفقين وأن الكعبين داخلان في الغسل فذكر هذا الحديث الضعيف ولم يذكر ما يقوم مقامه في الدلالة على هذا الأمر وقد روى مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أنه توضأ فلما غسل يديه أشرع في العضد ولما غسل رجليه أشرع في الساق وقال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ـ عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن المرفق مغسول وأن الكعب مغسول وأن قوله (إلى الكعبين) (إلى المرافق) بمعنى (مع) أي مع المرفقين ومع الكعبين 0 كما في قوله عزوجل (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي مع
¥