[لو آمنت كاترينا]
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[25 Sep 2005, 04:52 م]ـ
لكنها أم العذاب
(هذا يوم لاينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سؤ الدار)
في خضم هذه الحياة الصعبة المليئة بالهموم والأحزان، من تسلط الظلمة والكفرة على كثير من بلاد الإسلام، تأتينا الأخبار سراعا عن نازلة نزلت بساحة الأمريكان، وكنت أحسب الأمر هينا لكنه كان فوق الحسبان، فهو أمر مقدر من الواحد الديان.
قالوا لنا ريح عقيم تدمر كل شئ بأمر ربها، فاستعذنا بالله من أم العذاب، وقلنا اللهم جنبها ديار المسلمين واجعلها دائرة مديرة مؤذنة لمهلك المشركين الظالمين، تهلك بها نسلهم وزرعهم حتى يمش ضرعهم، وتكسربها شوكتهم حتى تخرج بها من أرض المسلمين عدتهم.
وكان عجبي من هذا الذل والهوان الذي أصاب بعض الوجوه الساجدة، التي طالما دعت وابتهلت بأن يهلك الله عدوها ويستأصل شافته، حتى استجاب الله لها، فكان أن استغفرت ونكلت من دعائها، وأخذت ترجوه أن يخفف عذابه على القوم الظالمين كأنها مادعت وتضرعت أن يأخذهم أخذ قوي متين، فليت شعري ماعدا مما بدا ومن أين أتيت؟
إنما أتيت من شدة ما أصابها من ذل وهوان، واستعباد عرابدة الكفر والطغيان، من عساكر وجيوش الأمريكان، حتى استيأست وظنت أن النصر بعيد، وأنها كذبت وأسلمت لشوكة الكافر العنيد، فسري إليها أن الدماء هي الدماء والديار الديار، لافرق بين بلد تقام عليه شعائر الدين المتين، وبلد عليه اللعنة إلى يوم الدين، وأخذت تحدث نفسها عن رحمة تفطر كبدها، على صليبي دنس مصحفها واحتل أرضها، وخرب مسجدها وسرق خيرها، رقت قلوبهم حتى لم تعد تفرق بين الرحمة والذل والهوان، واختلطت عيلهم أذهانهم فلم تعد تفرق بين من تبكي له أومنه أوعليه.
ولو كانت علمت بأن النصر قريب، وأن الأيام دول والعهد ببعض الظلمة ليس بالبعيد، لخرت ساجدة لله الواحد الصمد، شاكرة خراب ماحل بذاك البلد، لكنه الهوان:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
وهو كذلك الامتحان:
(مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
إن المرء لمعذور أيما عذر في عمى بصره، لكنه معاتب كل عتاب في عمى بصيرته:
فيا من أعمى الله بصيرته أنسيت: تلك الدماء الطاهرة المسلمة في بلاد الأفغان والسودان وفلسطين و الرافدين، أنسيت محمد الدرة وهو يقتل بين يدي والده برصاصه من صنع الأمريكان، أنسيت من هدد بتقسيم بلدك الطاهر وأربد وأزبد بوعيده، أنسيت من عرا أبدانا مؤمنة طاهرة زكية وأظهرها للعيان، أنسيت من انتهك عرض مؤمنة عفيفة وماخشي سطوة الديان.
إن كنت قد نسيت فتلك مصيبة وإن لم تنس فالمصيبة أعظم ... ، إن كنت قد نسيت فو جلال الله ما نسيت ثكلى في العراق لم يجف الدمع من مآقيها، إن كنت قد نسيت فما نسيت أرملة فقدت زوجها بقذيفة مزقت كل أمانيها، إن كنت قد نسيت فما نسي طفل صغير يتمته يد صليبية ملعونة من عطف راعيها.
أنسيت من يحمل راية الفيتوـ فتت الله قلوبهم وديارهم ـ في كل محفل ترفع فيه راية للمسلمين. أنسيت إخوة لنا في السلاسل والأغلال وكيف هم مقيدين.
الم تحدثك نفسك بأنها قد تكون دعوة أحدهم، سرت بليل نامت عنها أعين الطغاة وعين الله عنها لم تنم.
لاتظلمن إذا ما كنت مقتدرا فالظلم يأ تيك آخره بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
أما تستحي أن تبكي بعد ذلك صليبي لازالت يداه مضرجتان بدماء آبائنا وأمهاتنا وإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا في العراق.
مه يارجل، أما تستحي أما ترعوي عن مثل هذا السؤال؟، حين تحدث نفسك سائلا هل هذا يوم ترح أم يوم فرح؟ فانزع عنك أخي جلباب الخور الذي أصابك، وانظر إلى المدية التي بيد جزارك وجزار إخوانك، وأيم الله لوكانت نعاجا لما وسعتها الأرض من فرحها بما حل بجزارها، فماذا أصابك، وماذا دهاك؟.
¥