تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الاستشراق الألماني ودوره في نقل الثقافة العربية]

ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[17 May 2005, 03:08 م]ـ

[الاستشراق الألماني ودوره في نقل الثقافة العربية]

د. محمد أبوالفضل بدران *

في تناول ادوارد سعيد للاستشراق أغفل- عن عمد- الاستشراق الألماني، وربما كان عامل اللغة حائلاً بينه وبين تناول المستشرقين الألمان، وقد جاءت بعض الدراسات التي تناولت الاستشراق الألماني أبحاثاً جادة ومفيدة، ألقت بعض الضوء على بعضهم إلا أننا نفتقد دراسة جادة تتناول الاستشراق الألماني ككل لما يحتله هذا الاتجاه من أهمية بالنسبة لنا نحن إذ إننا- نحن- موضوع الاستشراق تراثاً وتاريخاً وواقعاً واستشرافاً، وسواء أوافقنا على نتائجهم أم اختلفنا حيالها فلن يقلل من أهميتها، ومن ثم دراستها ونقدها.

وقبيل أن أتناول الاستشراق الألماني المعاصر، أود أن أذكر هنا عدة أمور تساعدنا في فهم واقع الاستشراق الألماني:

أولاً: لم تستعمر “تستخرب” ألمانيا أية دولة عربية، ومن هنا ينتفي الغرض الاستعماري “الاستخرابي” عنها، وقد يقول قائل: ربما لو استطاعت لفعلت، ولكن هذا الحكي غير مقبول منهجياً فالباحث عليه أن يحلل التاريخ الذي حدث وليس الذي من المفترض حدوثه في الماضي.

وربما كان هذا البعد ذا أهمية في نقد المستشرقين الألمان، إذ انهم لم يكونوا- أعني غالبيتهم- أدوات استعمارية.

ثانياً: لا نغفل التوسعات الطموحة لهتلر نحو السيطرة على العالم، ولكننا لا ننسى أن بعض الدول العربية الإسلامية كانت واقفة الى جواره وقوفاً حقيقياً أو معنوياً لا حباً فيه بل كراهية للاستعمار البريطاني الذي كان يجثم على أرضها، وقد كان كتاب هتلر “كفاحي” من العوامل التي ساعدت على الاهتمام باللغة العربية في ألمانيا، وربما نعجب إذا عرفنا أن أهم قاموس عربي في اللغة الألمانية قد وضع لاهتمام سياسي بترجمة كتاب كفاحي لهتلر.

ثالثا: ان الموقف الألماني في عهد هتلر كان ضد اليهود، ولعل قراءة في كتاب هتلر سالف الذكر توضح إلى أي مدى كانت الكراهية في صدره ضد اليهود، ولم يكن فرداً في ذلك التوجه بل كان يعبر عن رأي قطاع من الشعب. وربما كان ذلك من العوامل المساعدة التي حدت ببعض المستشرقين الى أن يسيروا في فلكه فألفوا آنذاك العرب والمسلمين أعداء لليهود فأخذوهم مادة للدرس والاستشراق.

رابعاً: من السذاجة القول إن الاستشراق الألماني المعاصر محايد أو مع العرب والمسلمين في قضاياهم وليس ذلك لمصلحة العرب ولا المسلمين لأننا في حاجة إلى من ينقدنا بمنهج علمي قد نتفق معه أو نختلف لكننا في حاجة إليه، وحتى نرى كيف يرانا الآخر لا كما نرى ذواتنا من منظار تضخيم الذات وإعلائها، أو التقليل من شأنها، ومن هنا فإن بعض المستشرقين الألمان ضد العرب وضد المسلمين وضد المنطق أحياناً إلا أننا في حاجة إلى هؤلاء وإلى أولئك حتى نعرف موطئ أقدامنا في عالم معاصر متغير يسبح فوق بحار الكونية والعولمة وتختفي فيه المساحات والرؤى الأحادية، وحتى نكشف هؤلاء الذين يسيئون إلينا وإلى تراثنا وديننا ينبغي علينا قراءتهم ومن ثم نقد ما يكتبون بغية الوصول إلى الحقيقة.

أود هنا أن أوضح دور المستشرقين الألمان حيال اللغة العربية والعرب، وذلك من خلال نقاط هي:

أولاً: حفظ المخطوطات العربية إذ من المؤسف ومن المفرح في آن واحد أن آلاف المخطوطات العربية والإسلامية قد وجدت طريقها نحو المكتبات الألمانية فربما لو ظلت قابعة في بيوتنا لقضي عليها وقد آلت إلى المكتبات الألمانية في الجامعات والبلديات من خلال الشراء والاستيلاء عليها من الأقطار العربية لكنها- وبحق- وجدت من يسعى إلى حفظها وتصنيفها وفهرستها والعمل على تحقيقها، وإن نظرة في أعداد هذه المخطوطات لتوضح لنا أهميتها كذخائر تراثية لا تقدر بثمن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير