تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الجرح والتعديل للعلماء والدعاة؟ للشيخ حامد العلي]

ـ[إمداد]ــــــــ[18 Apr 2005, 10:03 م]ـ

الجرح والتعديل للعلماء والدعاة؟

السؤال: السلام عليكم

ماهي ضوابط الجرح والتعديل، علي سبيل المثال نقد شيخ ما أو داعيه ما أوحتي أخ ما في بعض ما يقول، أو يفعل، فما هو حدود المسموح من دلك حتي لا نقع في الذنب

نرجو الأيضاح مع التفصيل اثابكم الله

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

فإنه ينبغي التنبّه إلى أنه من الناس من يخلط هنا بين ثلاثة أبواب:

أحدها: الجرح والتعديل الذي يكون لرواة الحديث، تميّيزا للحديث المقبول من المردود، وهذا قد مضى زمانه، أو لشهود الحكم والقضاء، وهذا إنما يكون في القضاء.

والثاني: معرفة من تؤخذ عنه الفتوى، أويُطلب عليه العلم الشرعي.

والثالث: واجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصح لكل مسلم.

ولكلّ باب من هذه الأبواب ضوابطه، والخلط بينها، من أسباب الغلط في الفكر والسلوك في باب الحكم على الناس، من العلماء، والدعاة، والمجاهدين، والمصلحين، والمفكرين، ما أثمر كثيرا من الفوضى في الساحة الإسلامية.

ذلك أنه بعض الناس يزيّن له الشيطان، أنّه يجب على طالب للعلم، أن ينشغل بتجريح الدعاة وأهل العلم وتعديلهم، مع أنّه ـ إن فعل ذلك ـ سيفعله مقلدا لغيره، والمقلّد جاهل باتفاق العلماء، مع أن التقليد إنما يكون فيما يحتاج العبد إليه من أمر دينه، وعامّة الناس، وكذا طلاب العلم، ليسوا بحاجة إلى هذا الباب إلا في حدود ضيقة، بل هم مأمورون بكفّ ألسنتهم عن الإنشغال بعيوب الناس، ولاريب أن هذا هو الأصل العام الذي دلت عليه نصوص الشرع، واستقامت عليه قواعده، أن إنشغال العبد بنجاة نفسه، والتفاته إلى إصلاح باطنها وظاهرها، يجب أن يكون همّه الأكبر، ينفق فيه عمره كلّه، فقضيّة الحساب الإلهي مبنيّة على فردية التبعة، وحتى إذا تعدّى فعل العبد إلى غيره ـ أمرا بالمعروف أو نهيا عن المنكر ـ فهو من باب إصلاح نفسه، وفعل مالابد له من فعله لئلا يقع في الذنب، فهو راجع إلى إصلاح النفس أصلا.

ولاريب أن تربية طلاب العلم، على إصلاح قلوبهم، وألسنتهم، واعمالهم، وأحوالهم، وغرس الخلق الكريم فيهم، كما قال الإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله: (طلبت الأدب ثلاثين سنة , وطلبت العلم عشرين سنة , وكانوا يطلبون الأدب قبل العلم) ذكر ابن الجزري في غاية النهاية، وذ كر عنه ابن الجوزي في صفة الصفوة (كاد الأدب يكون ثلثي العلم).

أنّه خيرٌ لهم من إشغالهم بتتبّع عورات الناس، فتقسو قلوبهم، وتغلظ طباعهم، ويتحوّلون إلى بلاء على الأمّة، يُفتَنون ويَفتِنون غيرهم، ثم إن سنة الله أن يعود ظلمهم عليهم، فيعتدى عليهم بمثل ما اعتدوا ما صح في الحديث: " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " رواه أصحاب السنن من حديث البراء رضي الله عنه.

والمقصود أن إشغال طلاب العلم بجرح الدعاة وتعديلهم والكلام في أعراضهم،وتتبع عوراتهم وأخطاءهم، ضرب من الجهل والتخبّط، ولهذا لايعرف مثل هذا النهج في سلوك سبيل العلم الشرعي فيما مضى في تاريخ أمتنا.

أما معرفة من تؤخذ عنه الفتوى، ويُطلب عليه العلم، فقد ذكر العلماء أن طالب العلم يتجنب أهل البدع، والأهواء، ويلازم أهل المعرفة بالكتاب والسنة، من العلماء الربانيين، كما ورد عن ابن سيرين ومالك رحمهما الله: (إن هذا العلم دين، فأنظروا عمن تأخذون دينكم).

وقد ذكروا أن من أهم صفات المعلّم أن يكون ذا خلق حسن ليقتدي به الطلبة، مع حسن الهدي والسمت، كما روى الخطيب في الجامع عن إبراهيم بن حبيب الشهيد قال: قال لي أبي (يا بُني إيت الفقهاء والعلماء , وتعلم منهم، وخذ من أدبهم، وأخلاقهم، وهديهم , فإن ذاك احب إلي لك من كثير من الحديث)، وفي الزهد لإبن المبارك: عن الحسن البصري: (كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشّعه وهديه ولسانه ويده)، فمن ظهرت عليه آثار العلم هذه، من أهل السنة، فهو أولى من يطلب عليه العلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير