تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[سبب إقبال الخلق على علم الخلاف وتفصيل آفات المناظرة والجدل وشروط إباحتها]

ـ[سلسبيل]ــــــــ[24 Feb 2005, 01:24 م]ـ

توطئة لابد منها

ما أشد حاجتنا اليوم إلى توحيد طاقات علمائنا فيما ينفع الأمة ويوحد كلمتها - والبعد عن المناظرات وتدبيج الكلام بما لا نفع فيه أو الخوض في مناظرات لاطائل منها ولا تمت بأي صلة لواقع الأمة وما تعيشة وكأن المهتمين بذلك في عالم غير العالم وهمٍّ غير الهم -فلئن توحدت كلمة العلماء فلعمري أي شقاق نخشى؟! ولئن تفرقت فأي وحدة نرجو بعدها؟ فالأمة ستعود لعزها يوم أن يعود العلماء لسلطانهم ويعودوا علماء ربانيين "لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله "

وأول طريق عودتهم هو تجريدهم هذا العلم لله تعالى والعمل به ثم ترك الجدل وحب الظهور والمناظرات والخلاف مما ابتلي به كثير من العلماء إلا من رحم ربي ولأن هذا الضرب من التناظر المذموم والجدل مما عمت به البلوى واستفحل الخطب سواء في المعاهد والكليات أو مجالس العلم والملتقيات بل حتى في المنتديات ولا نبالغ بالقول إنه أصبح السمة والمعلَم البارز للتجمعات العلمية ... فصرنا لا نخرج من تجمعاتنا – في الغالب – إلا بزيادة الخرق وتوسيع هوة الخلاف، قال تعالى: " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "

ولأننا في مركب واحد ونجاة العلماء نجاتنا جميعا

وغرقهم غرق للأمة بأسرها ولأنه رب مبلغ أوعى من سامع ... فإنني أسوق أسباب إقبال الخلق على علم الخلاف وتفصيل آفات المناظرة والجدل وشروط إباحتها من كتاب إحياء علوم الدين لأبو حامد الغزالي وقد نقلتها بتصرف وإيجاز .... لما رأيت من أهميتها وحاجتنا لها.

ولا يعرضن أحد عن الحق لمجرد أنه ظهر على لسان هذا العالم أو ذاك .... ولنقرأ الكلمات لا الهفوات السابقات

ولنتدبر المعاني لا الأسامي.

*********************

سبب إقبال الخلق على علم الخلاف وتفصيل آفات المناظرة والجدل وشروط إباحتها " بتصرف "

أولا: سبب إقبال الخلق على علم الخلاف وبداية ظهوره

" اعلم أن الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تولاها الخلفاء الراشدون المهديون وكانوا أئمة علماء بالله تعالى فقهاء في أحكامه وكانوا مستقلين بالفتاوى في الأقضية فكانوا لا يستعينون بالفقهاء إلا نادرا في وقائع لا يستغنى فيها عن المشاورة فتفرغ العلماء لعلم الآخرة وتجردوا لها وكانوا يتدافعون الفتاوى وما يتعلق بأحكام الخلق من الدنيا وأقبلوا على الله تعالى بكنه اجتهادهم كما نقل من سيرهم فلما أفضت الخلافة بعدهم إلى أقوام تولوها بغير استحقاق ولا استقلال بعلم الفتاوى والأحكام اضطروا إلى الاستعانة بالفقهاء وإلى استصحابهم في جميع أحوالهم لاستفتائهم في مجاري أحكامهم وكان قد بقي من علماء التابعين من هو مستمر على الطراز الأول وملازم صفو الدين ومواظب على سمت علماء السلف فكانوا إذا طلبوا هربوا وأعرضوا فاضطر الخلفاء إلى الإلحاح في طلبهم لتولية القضاء والحكومات فرأى أهل تلك الأعصار عز العلماء وإقبال الأئمة والولاة عليهم مع إعراضهم عنهم فاشرأبوا لطلب العلم توصلا إلى نيل العز ودرك الجاه من قبل الولاة فأكبوا على علم الفتاوى وعرضوا أنفسهم على الولاة وتعرفوا إليهم وطلبوا الولايات والصلات منهم فمنهم من حرم ومنهم من أنجح والمنجح لم يخل من ذل الطلب ومهانة الابتذال فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبين طالبين وبعد أن كانوا أعزة بالإعراض عن السلاطين أذلة بالإقبال عليهم إلا من وفقه الله تعالى في كل عصر من علماء دين الله وقد كان أكثر الإقبال في تلك الأعصار على علم الفتاوى والأقضية لشدة الحاجة إليها في الولايات والحكومات ثم ظهر بعدهم من الصدور والأمراء من يسمع مقالات الناس في قواعد العقائد ومالت نفسه إلى سماع الحجج فيها فعلمت رغبته إلى المناظرة والمجادلة في الكلام فأكب الناس على علم الكلام وأكثروا فيه التصانيف ورتبوا فيه طرق المجادلات واستخرجوا فنون المناقضات في المقالات وزعموا أن غرضهم الذب عن دين الله والنضال عن السنة وقمع المبتدعة كما زعم من قبلهم أن غرضهم بالاشتغال بالفتاوى الدين وتقلد أحكام المسلمين إشفاقا على خلق الله ونصيحة لهم ثم ظهر بعد ذلك من الصدور من لم يستصوب الخوض في الكلام وفتح باب المناظرة فيه لما كان قد تولد من فتح بابه من التعصبات الفاحشة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير