تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أقوال أهل العلم في حكم إسبال الثياب]

ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[23 Jul 2005, 08:20 م]ـ

لأخ فاضل أحتفظ باسمه

الحمد لله حق حمده و الصلاة و السلام على نبيه و عبده محمد و آله و صحبه،

أما بعد فهذه نتف من أقوال الأئمة على مر القرون، في مسألة إسبال الثياب، جمعتها في هذه الأوراق عسى أن تصحح المفاهيم. ذلك لأن الشائع من المؤلفات التي ترد علينا في هذا الباب يعطي انطباعًا خاطئًا. حتى إنه ليخيل لقارئها أنه ليس في المسألة غير قول واحد و هو التحريم. و هذا خلاف ما كان عليه علماء الأمة من السلف ...

أسأل الله تعالى أن يبين لنا سبيل الرشاد و يوفقنا إلى سلوكه، و أن يشرح صدورنا للحق و قبوله و العمل به، آمين

من العلماء المعاصرين الذين اشتهر عنهم القول بتحريم الإسبال مطلقًا، و تأثر الناس بفتواهم؛ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، حيث قال ما نصه:

إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لاينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولايكلمه ولايزكيه وله عذاب أليم، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب مانزل من الكعبين بالنار لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم ولهم عذاب أليم؛ المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب "، وقال:" من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.

وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار"، ولم يقيد ذلك بالخيلاء. ولا يتضح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله، لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال لا جناح - عليه فيما بينه وبين الكعبين، وماكان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة " رواه مالك وأبوداود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه، ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض.

وأما من احتج بحديث أبي بكر رضي الله عنه فنقول له ليس لك حجة فيه من وجهين: الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالاً منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده. والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد، فنقول لهم: إن قصدتم إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عذبتم على مانزل فقط بالنار، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لايكلمكم الله يوم القيامة ولاينظر إليكم ولايزكيكم ولكم عذاب أليم.

الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وسلم وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ماكانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى الصراط المستقيم. اهـ

قلت: كلام الشيخ رحمه الله مبني على أساس تعذر حمل المطلق على المقيد لاختلاف الحكمين، فقد قال في إحدى فتاواه:

" ثم إن بعض الناس إذا أنكر عليه الإسبال، قال: إنني لم أفعله خيلاء. فنقول له: الإسبال نوعان؛ نوع عقوبته أن يعذب الإنسان عليه في موضع المخالفة فقط، و هو ما أسفل من الكعبين بدون خيلاء، فهذا يعاقب عليه في موضع المخالفة؛ و هو ما نزل عن الكعبين، و لا يعاقب فاعله بأن الله لا ينظر إليه و لا يزكيه. و نوع عقوبته أن الله لا يكلمه و لا ينظر إليه يوم القيامة و لا يزكيه و له عذاب أليم، و هذا فيمن جره خيلاء، هكذا نقول له.اهـ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير