تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[فاتحة الكتاب فضلها وتفسيرها للشيخ عبد الباري الثبيتي حفظه الله]

ـ[إمداد]ــــــــ[01 Apr 2005, 11:31 ص]ـ

فاتحة الكتاب فضلها وتفسيرها للشيخ عبد الباري الثبيتي حفظه الله


ملخص الخطبة

1 - فضل القرآن الكريم. 2 - من فضائل سورة الفاتحة. 3 - تفسير السورة. 4 - قسمة الصلاة بين العبد وبين الله تعالى.

الخطبة الأولى

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، قالَ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

كتابُ ربِّنا يهدي إلى أقومِ سبيلٍ، ويحقِّق للسائرين على نهجِه الفوزَ العظيم. ومن القرآنِ سورةٌ قصيرةُ الآياتِ عظيمةُ المعنى جليلةُ المبنى، تسكُب في النفس السكينةَ، وتفيض على القلبِ طُمأنينة، فيها عقيدةٌ وعبادة وجزاء ومَثوبة ووَعد ووعيد، هي الواقية لأنها تقِي قارئها السوءَ، وهي الشِّفاء يُستشفَى بها العليل، هي الصلاةُ لأنّه لا صلاةَ بدونها، وهي السبعُ المثاني لأنها تثَنَّى وتكرَّر في الصلاة.

اشتملت على إصلاحِ النّفس وإصلاحِ المجتمع، وأرست أسُسَ الأمن والاستقرار والسعادةِ في الأرض، هي خيرُ ما أنزِل، فعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه أنه قال له الرّسول: ((لأعلِّمنَّك سورةً ما أنزِلَ في التوراة ولا في الإنجيلِ ولا في الفرقان سورة كانت خيرًا منها))، قال: ((فاتحةُ الكتاب هي السبعُ المثاني والقرآن الذي أوتيتُه)) [1].

هي أحَدُ النّورَين، فعن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: بينَما جبريلُ قاعدٌ عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم سمِع نقيضًا من فوقِه، فرفع رأسه فقال: هذا بابٌ من السماءِ فتِح اليومَ، لم يفتَح قطّ إلا اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا مَلكٌ نزل إلى الأرضِ لم ينزِل قطّ إلاّ اليوم، فسلَّم وقال: أبشِر بنورَين أوتيتَهما لم يؤتاهما نبيٌّ قبلَك: فاتحةُ الكتاب وخواتيمُ سورة البقرة، لن تَقرَأَ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَه. رواه مسلم [2].

هي رُقيةٌ، فعن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه أنَّ ناسًا من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَتَوا على حيٍّ من أحياء العرَب فلم يَقروهم، فبينما هم كذلك إذ لدِغ سيِّد أولئك فقالوا: هل معَكم من دواءٍ أو راقٍ؟ قالوا: إنّكم لم تقرونا، ولا نفعَلُ حتى تجعَلوا لنا جعلاً، فجَعَلوا لهم قطيعًا من الشّاء، فجعل يقرَأ بأمِّ القرآن ويجمع بزاقَه ويتفِل فبرَأ، فأتوا بالشاءِ فقالوا: لا نأخُذه حتى نسألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحِك وقال: ((وما أدراكَ أنها رقية؟! خذوها واضرِبوا لي معكم بسهمٍ)) رواه البخاري [3].

إنَّ سورةً بهذا الفضل والمقامِ نتطلَّع إلى أن نقفَ على كنوزِها وندرِكَ معانيَها ونوثِّقَ صِلَتَنا بها ونهتدِيَ بهُداها لنحقِّق أثرَها.

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
ثناءٌ على الله بما أنعَمَ علينا وما أعطانا. الثّناءُ حقٌّ لله سبحانه، هو المستحِقّ للحَمدِ بسبَبِ كَثرةِ نِعَمه وأنواعِ آلائه على العباد. الحمدُ فيه معنى الاعترافِ الذي هو إقرارٌ مِنَ العبدِ بتقصيرهِ وفقرة وحاجتِه واعترافٌ للهِ جلّ وعلا بالكمالِ والفضل والإحسان، وهذا من أعظمِ ألوانِ العبادة؛ ولهذا قد يعبُد العبد ربَّه عبادةَ المعجَبِ بعمَلِه فلا يقبَلُ منه؛ لأنَّ الإعجابَ لا يتَّفق مع الاعترافِ والذّلِّ، ولا يدخل العبدُ على ربِّه من باب أوسَعَ وأفضل من بابِ الذّلِّ له والانكسار بين يدَيه، ذلك أنَّ من أعظم معاني العبادةِ الذلَّ له سبحانه؛ ولهذا كان نبيّنا كثيرَ الاعتراف لله على نفسِه بالتَّقصير والظلمِ، كان يقول: ((اللّهمّ إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوبَ إلا أنت، فاغفِر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنّك أنت الغفور الرحيم)) أخرجه البخاري ومسلم [4].

الْحَمْدُ لِلَّهِ
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير