[دلالة الأصول على تحريم الطبول]
ـ[سلطان بن عبد الله]ــــــــ[01 Feb 2005, 10:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتبها: طو يلب علم يرجو ممن انتفع بها أن يدعو لكاتبها بظهر الغيب
الحمد الله الذي أنار بصائر المؤمنين بنور القرآن العظيم، وأضاء قلوب الصالحين بمشكاة النبي الأمين، وصلى الله وسلم على المبعوث بالعدل والحق المبين، أما بعد:
فقد اطلعت على فتوى فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان وفقه الله حول استخدام (الزير و الزلفة) في العرضة الشعبية كما نشرتها جريدة الوطن، وما ذهب إليه من إباحتها وما استدل به من أدلة، وحيث نشط كثير من محبي هذه العرضة لنشر هذه الفتوى واحتسبوا في تعليقها على المساجد، ونشرها في المجامع والمجالس، وكأنهم يدعون من خلالها إلى واجب أهمله الناس، أو سنة مؤكدة لا تقبل الإلباس، وهي على فرض إباحتها لا تعدو كونها من المتشابه الذي أمر المؤمن بتركه تورعا، والتنزه عنه استبراء للدين والعرض، فلماذا هذه الجهود في نشرها والتعب في توزيعها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كما في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه:
الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه و دينه و من وقع في الشبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ... الحديث))
وحيث حرم الله على المؤمنين كتم البينات والهدى، وأمرهم بالبيان، استعنت بالله في كتابة هذه الورقة مناقشا لأدلة الشيخ العبيكان التي أوردها متحريا إصابة الحق في ذلك، متوخيا سلوك منهج أهل العلم والعدل في المناقشة والاستدلال، مراعيا الاختصار والإيجاز، سائلا الله أن يجعلنا من الهداة المهتدين، وأن يهدينا ويهدي بنا، وأن يجعل أعمالنا لله خالصة، ولسنة الرسول صلى الله عليه وسلم موافقة، فأقول (مستمدا العون من الله):
لا تخلو فتوى فضيلة الشيخ العبيكان في استدلاله على مقصوده عن وجوه الاستدلال التالية:
1 - استدلاله بعمومات نصوص جاءت الأدلة الأخرى بتخصيصها وقد تقرر عند أهل العلم أن الخاص يقضي على العام فاستدلاله بالأحاديث الواردة في الأمر بإعلان النكاح، أو الإذن باللعب للحبشة ونحوهم أدلة عامة قد خصصتها الأدلة الدالة على تحريم المعازف، وتحريم الطبل كما سيأتي بيانه، فليس من التحقيق أن تقدم النصوص العامة على النصوص الخاصة،بل منهج أهل الحق والهدى أن لا يضربوا النصوص بعضها ببعض بل يعملوا كل نص في موضعه، فيقال قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بإعلان النكاح وأمر به، ورخص في بعض اللهو واللعب في الأعياد، وإذا كانت هذه الرخصة يدخل في عمومها الطبل، فقد أخرجته نصوص أخرى صريحة في تحريمه، فلا يجوز الاستدلال بالعموم مع العلم بأدلة التخصيص، فالإطالة في ذكر الأدلة العامة إنما تروج على العوام الذي لا يفقهون دراية النصوص، والذين يحملهم كثرة الاستدلال على استعظام المستدل، وتهويل أمره عندهم.
2 - استدلاله بأدلة في غير موضع النزاع، كاستدلاله بالأدلة الصحيحة على إباحة الدف واللعب بالحراب، وهذا تكثر لا مسوغ له، فالنزاع مقتصر على الطبل (المشهور الآن بالزير والزلفة)،كذلك استدلاله بالإجماع على إباحة الغناء بدون آلة لهو، والإشكال بين المبيحين والمحرمين في الزير والزلفة فحسب، فليس من العدل والإنصاف التلبيس على العوام بأدلة في غير محلها، وسياقها على وجه الاحتجاج موهم لقليل البضاعة أنها دالة على المقصود بينما هي أدلة على أحكام أخرى ليس من بينها قضية النزاع.
3 - استدلاله بأصول عامة في الشريعة لا نخالف العبيكان فيها كاستدلاله بأن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الإسلام دين اليسر والسهولة، ولا أسهل على كل أحد من أن يستبيح ما حرم الله بتناوله لهذه الأصول، فالأصل الأول معارض بأصل آخر هو أن الأصل في المعازف التحريم، والطبول معروف عقلا وشرعا أنها من المعازف، والشيخ لا يجهل نصوص تحريم المعازف، فكان من الواجب أن يجتهد الشيخ العبيكان في إخراج الطبول من عموم المعازف، بدل أن يدخل الطبل في عموم الإباحة، إذ اشتمال المعازف على الطبول، أقوى من اشتمال أصل الإباحة على استعمالها، وأما يسر الشريعة فلا يتعارض مع ما حرمه الله فما حرمت الشريعة شيئا إلا كان في تحريمه اليسر والسهولة على قلوب المؤمنين، ومن
¥