[فنون]
ـ[د. محمد مشرح]ــــــــ[12 Jun 2005, 05:34 م]ـ
فن الدعاء 232
اللهم إنك غني عنا ورحيم بنا فلا تعذبنا بذنوبنا وأنت غني عن طاعاتنا ورحيم بنا.
وصل على حبيبك وآله وصحبه ومن سار على نهجه ما تعاقب الليل والنهار والشمس والظلال.
(أحضر قلبك عند قراءة الدعاء وكن موقنا بالإجابة فلعلك ممن يستجاب لهم).
فن توجيه الحدث 163
عواصم ومثبتات
في حين تموج الفتن، وتدلهم الخطوب، وتحتدم المواجهات بين أهل الخير وأهل الشر وتكاد تحبط السائرين على درب الإصلاح –إصلاح البشرية –وربما تدسس اليأس إلى النفوس مما يستخدم من وسائل عظيمة في جانب الباطل ضد الحق تطل علينا الآية المائة والخمسون من سورة البقرة لتبشرنا أن هذه الوسائل لا تغني أهل الباطل لأنه ممحوق ... وذلك بشرط أن يقوم أهل الحق بما يقدرون، ويبينون للناس الحق بيانا كافيا وسيجدون قبولا منقطع النظير إلا الذين ظلموا وعاندوا فإنهم لا يستفيدون من البيان ولن يضروا أهل الحق إلا أذى والجولة للحق وأهله فإلى الآية وتفسيرها للشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
(149 - 150)
" ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون "
أي: " ومن حيث خرجت " في أسفارك وغيرها وهذا للعموم
" فول وجهك شطر المسجد الحرام " أي: جهته
ثم خاطب الأمة عموما فقال:
" وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "
وقال:
" وإنه للحق من ربك "
أكده ب إن واللام لئلا يقع لأحد فيه أدنى شبهة ولئلا يظن أنه على سبيل التشهي لا الامتثال
" وما الله بغافل عما تعملون "
بل هو مطلع عليكم في جميع أحوالكم فتأدبوا معه وراقبوه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه فإن أعمالكم غير مغفول عنها بل مجازون عليها أتم الجزاء إن خيرا فخير وإن شرا فشر
وقال هنا:
" لئلا يكون للناس عليكم حجة "
أي: شرعنا لكم استقبال الكعبة المشرفة لينقطع عنكم احتجاج الناس من أهل الكتاب والمشركين فإنه لو بقي مستقبلا بيت المقدس لتوجهت عليه الحجة فإن أهل الكتاب يجدون في كتابهم أن قبلته المستقرة هي الكعبة البيت الحرام والمشركون يرون أن من مفاخرهم هذا البيت العظيم وأنه من ملة إبراهيم وأنه إذا لم يستقبله محمد صلى الله عليه وسلم توجهت نحوه حججهم وقالوا: كيف يدعي أنه على ملة إبراهيم وهو من ذريته وقد ترك استقبال قبلته؟ فباستقبال الكعبة قامت الحجة على أهل الكتاب والمشركين وانقطعت حججهم عليه
إلا من ظلم منهم أي: من احتج منهم بحجة هو ظالم فيها وليس لها مستند إلا اتباع الهوى والظلم فهذا لا سبيل إلى إقناعه والاحتجاج عليه وكذلك لا معنى لجعل الشبهة التي يوردونها على سبيل الاحتجاج محلا يؤبه لها ولا يلقي لها بال فلهذا قال تعالى:
" فلا تخشوهم "
لأن حجتهم باطلة والباطل كاسمه مخذول مخذول صاحبه وهذا بخلاف صاحب الحق فإن للحق صولة وعزا يوجب خشية من هو معه وأمر تعالى بخشيته التي هي أصل كل خير فمن لم يخش الله لم ينكف عن معصيته ولم يمتثل أمره
وكان صرف المسلمين إلى الكعبة مما حصلت فيها فتنة كبيرة أشاعها أهل الكتاب والمنافقون والمشركون وأكثروا فيها من الكلام والشبه فلهذا بسطها الله تعالى وبينها أكمل بيان وأكدها بأنواع من التأكيدات التي تضمنتها هذه الآيات
منها:
الأمر بها ثلاث مرات مع كفاية المرة الواحدة ومنها: أن المعهود أن الأمر إما أن يكون للرسول فتدخل فيه الأمة تبعا أو للأمة عموما وفي هذه الآية أمر فيها الرسول بالخصوص في قوله: " فول وجهك " والأمة عموما في قوله: " فولوا وجوهكم "
ومنها: أنه رد فيه جميع الاحتجاجات الباطلة التي أوردها أهل العناد وأبطلها شبهة شبهة كما تقدم توضيحها ومنها: أنه قطع الأطماع من اتباع الرسول قبلة أهل الكتاب ومنها قوله:
" وإنه للحق من ربك "
فمجرد إخبار الصادق العظيم كاف شاف ولكن مع هذا قال:
" وإنه للحق من ربك "
ومنها: أنه أخبر - وهو العالم بالخفيات - أن أهل الكتاب متقرر عندهم صحة هذا الأمر ولكنهم يكتمون هذه الشهادة مع العلم
¥