تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مصطلح ((الليبرالية الإسلامية)) ... رؤية شرعية]

ـ[عبد الله بن حميد الفلاسي]ــــــــ[12 Jul 2005, 05:02 م]ـ

[ align=center] مصطلح ((الليبرالية الإسلامية)) ... رؤية شرعية

إعداد

عبد الله بن حميد الفلاسي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

لقد شاع في كثير من وسائل الإعلام والمنتديات مصطلح " الليبرالية الإسلامية "، مما أدى إلى أن يظن البعض أن هذا المبدأ يتيح للإنسان حريته من خلال سلوك يحكمه الدين ثم العرف الاجتماعي ثم الأخلاق الإنسانية الفطرية، وقد تسلل هذا المصطلح إلى عقول بعض من يطلق عليهم (الإسلاميون) حتى رأينا من يتمدح بأنه (ليبرالي إسلامي)، أي: متفتح متعصرن، لا مشكلة عنده مع الليبرالية، ولهذا كان لابد من توضيح خطورة هذا المصطلح وحقيقته.

فالليبرالية -كما في الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة-:

مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي، ففي الميدان السياسي وعلى النطاق الفردي: يؤكد هذا المذهب على القبول بأفكار الغير وأفعاله ولو كانت متعارضة مع المذهب بشرط المعاملة بالمثل.

وفي إطارها الفلسفي تعتمد الفلسفة النفعية والعقلانية لتحقيق أهدافها، وعلى النطاق الجماعي: هي النظام السياسي المبني على أساس فصل الدين عن الدولة، وعلى أساس التعددية الأيديولوجية، والتنظيمية الحزبية والنقابية، من خلال النظام البرلماني الديمقراطي بسلطاته الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية للحفاظ عليها، وفي كفل حرية الأفراد بما في ذلك حرية المعتقد، إلا أن الليبراليين في الغالب يتصرفون ضد الحرية لارتباط الليبرالية بالاستعمار، وما يتضمن ذلك من استغلال واستعباد للشعوب المستعمرة.

والليبرالية الاقتصادية: تأخذ منبعها من المدرسة الطبيعية، التي تؤكد على أنه يوجد نظام طبيعي يتحقق بواسطة مبادرات الإنسان الاقتصادي، الذي ينمو بشكل طبيعي نحو تلبية أقصى احتياجاته بأقل ما يمكن من النفقات، على أن تحقيق الحرية الاقتصادية يحقق النظام الطبيعي، وفي ذلك تدعو الليبرالية الاقتصادية إلى عدم تدخل الدولة في النظام الاقتصادي إلى أدنى حد ممكن، ومن أشهر من نادى بالليبرالية آدم سميث ومالتوس وريكاردو وجون ستيورات مل.

وبالتالي فإطلاق المصطلح "الليبرالية الإسلامية" لا يجوز شرعاً لعدة اعتبارات:

الاعتبار الأول: أن الإسلام منهج عظيم متكامل، والجمع بينه وبين المذاهب الأرضية التي هي في الحقيقة زبالات الأذهان ونفايات الأفكار، طعن فيه بالنقص والحاجة إلى التكميل، وقد قال تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)) (المائدة: 3). وقال تعالى: ((وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (آل عمران: 85). وقال: ((أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ)) (آل عمران: 83) وقال: ((أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة: 50).

الاعتبار الثاني: أنه لا وجود لما يسمى بالليبرالية الإسلامية، لأن هذا جمع بين النقيضين، ومن أطلق هذا المصطلح المحدث يصدق عليه قول الشاعر:

سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب

فشتان شتان بين الليبرالية والإسلام، ولهذا فإن من يطلق هذا المصطلح "الليبرالية الإسلامية" يضطر إلى أن يفسر الليبرالية بتفسير يفرغها من حقيقتها ومضمونها، بحيث لا يبقى لها أي معنى، فإذا كانت الليبرالية الإسلامية تعني التقيد بالدين ثم بالعرف ثم بالأخلاق الإنسانية الفطرية كالرحمة والشفقة .. الخ، فأي فائدة لكلمة الليبرالية، فإن التقيد بالدين ثم بالعرف ثم بالأخلاق الإنسانية داخل في مفهوم الإسلام، فأي جديد أضافته كلمة الليبرالية حتى يقال: ليبرالية إسلامية؟!

الاعتبار الثالث: أن هذا المصطلح المحدث يوهم التقارب بين الإسلام والليبرالية، ويسمح بتمرير ضلالات الليبرالية إلى قلوب عوام الناس وعقولهم وهم لا يشعرون، وهذا لا ريب أنه محظور عظيم يجب سد الطرق المفضية إليه.

الاعتبار الرابع: وبما أن الليبرالية تبيح للشخص أن ينتسب إلى أي دين، وإلى أي مذهب دون أن يعاب أو ينكر عليه، فهذه حريةً مطلقة لا قيود ولا ضوابط لها، فقد دل الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على وجوب اتباع دين الإسلام الحق، وأن من لم يتبع دين الإسلام فهو كافر شقي في الدنيا، وهو في الآخرة من الأخسرين الخالدين في الجحيم، قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}، وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم-: ((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار)).

الاعتبار الخامس: إن مفهوم الليبرالية، كما وضع له في الغرب، يصطدم بالدين الإسلامي، بل كافة الشرائع، في أصول لايستهان بها، كاستبدال الحكم الإلهي بالحكم البشري، فيما يسمى بالديمقراطية، وكذا الحرية المطلقة في الاعتقادات، بالتغيير والتبديل، وغير ذلك.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المراجع:

1. فتوى رقم 51488 و 42744 من موقع الشبكة الإسلامية.

2. سليمان الخراشي، الليبرالية ... النبت اليهودي!!، موقع صيد الفوائد.

3. أسامة بن عطايا العتيبي، الليبرالية: مذهب هدام يدمِّر العقيدة ويؤيد التفجير والتكفير والفساد، موقع الشيخ أبي عمر أسامة بن عطايا العتيبي.

4. أبو سارة، نظرة في: " .. الليبرالية .. " من الداخل، موقع شبكة الراصد.

5. سعيد صالح الغامدي، الرد على عادل الطريفي – والتحذير من ظاهرة "الإسلاميين الليبراليين"، موقع شبكة الراصد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير