[التخطيط في خدمة الدعوة إلى الله]
ـ[إمداد]ــــــــ[27 Nov 2004, 09:35 م]ـ
[التخطيط في خدمة الدعوة إلى الله]
لا يخفى على كل داعية نذر نفسه لتحمل هذه الأمانة العظيمة مدى الحاجة إلى دعوة راشدة تنهض بهذه الأمة، وتستند إلى قواعد صلبة من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهدي السلف الصالح.
ولا ريب أن من أهم السمات المطلوبة في الداعية إلى الله هي البصيرة بمفهومها الواسع، والتي تشمل غير العلم بموضوع الدعوة معاني أخرى كثيرة من أهمها: وجود الفهم الشامل لدى الداعية بأهداف دعوته ومقاصدها، وإدراكه للوسائل الشرعية التي ينبغي أن يسلكها لتحقيق هذه الأهداف، والتنبؤ بما قد يعترضه من عوائق ومشكلات، وهذا الوعي والإدراك لمثل هذه الأمور هو ما نسميه بلغة الإدارة: (التخطيط).
ماهية التخطيط:
لا شك أن كل داعية إنما يهدف من وراء دعوته إلى تحقيق جملة من الأهداف؛ إذن: فما هي أهدافه؟
ولديه العديد من الوسائل التي ينوي القيام بها: فما هي أفضل هذه الوسائل لتحقيق أهدافه؟
ويطمح لأن تتحقق أهدافه ومقاصده: فكيف تتحقق هذه الأهداف بالشكل المطلوب؟
ويرد في ذهنه العديد من العوائق والصعوبات عند رسم برامجه: فما السبيل لتلافي هذه المعوقات وتوقعها مسبقًا؟
إن هذه الخواطر والتساؤلات تبرز مسيس الحاجة إلى التخطيط في برامجنا الدعوية؛ لأن ضعف جانب التخطيط أحيانًا وانعدامه في أحيان أخرى أسهم في إضاعة الكثير من جهود الدعاة وأضعف ثمار أعمالهم الدعوية وأضحى الكثير من البرامج تنفذ لمجرد التنفيذ فقط أو لتكون أرقامًا تضاف إلى أعداد البرامج المنفذة.
وإذا تأملت في آثارها فلا تكاد تجد لها أثرًا في الواقع أو أنها قد حققت الحد الأدنى من أهدافها، وبتتبع معظم السلبيات في الجهود الدعوية نجد أن الكثير منها يمكن إرجاعه إلى ضعف أو انعدام التخطيط.
وهذا لا يعني إغفال العوامل الأخرى كسلامة المنهج وإخلاص النوايا لدى العاملين، وغيرها، ولكن هذه الجوانب قد تكون معلومة لدى معظم الدعاة وليست بخافية كما هو حال التخطيط الذي لا زال قليلاً أو شبه معدوم في واقع كثير من الدعاة أو الجهات العاملة في حقل الدعوة؛ ولا زالت الارتجالية والعشوائية والفوضى المالية والإدارية أحيانًا هي السمة البارزة في كثير من الأعمال الدعوية.
إيجابيات التخطيط:
ويمكن أن نبرز أهم ما يمكن أن يسهم به التخطيط للنهوض بالأعمال الدعوية والارتقاء بها حتى تحقق أهدافها بإذن الله ــ تعالى ــ ثم بجهود الدعاة الصادقين المخلصين، وأبرز هذه الإيجابيات هي:
1 ــ أن التخطيط يحدد أهداف الدعاة وغايات البرامج والمشروعات الدعوية، كما يفيد في حسن الأداء أثناء التنفيذ والتقويم الدقيق بعد ذلك، ولا زال هذا الأمر ــ وهو وضوح الهدف ــ غائبًا عن كثير من العاملين في الدعوة؛ فهو لا شك يدرك الهدف العام ــ وهو تبليغ دين الله ــ ولكنه قد يجهل الأهداف الخاصة لكل برنامج مما يُوجِد في كثير من الأحيان سلبيات كثيرة على هذه البرامج.
2 ــ يساعد التخطيط في اختيار طرق الدعوة المناسبة والملائمة لكل داعية بحسب قدراته وإمكاناته والمتوافقة مع طبيعة البرنامج والأهداف المرسومة له؛ وفي تحديد الرأي الأقرب للتقوى لكل برنامج؛ فأحيانًا قد يختار الداعية أساليب للدعوة لا تؤدي إلى نجاح البرنامج: إما لعدم مناسبتها لأهداف البرنامج، أو لطبيعة البرنامج وأهدافه، أو لعدم مناسبتها لإمكانات من يتولى تنفيذ البرنامج وقدراته الدعوية، أو أنها غير ملائمة لبيئة الدعوة أو نوع المدعوين وطبيعتهم، وقد (يجتهد) الداعية أحيانًا في اختيار وسيلة غير منضبطة بضوابطها الشرعية.
3 ــ يجعل من السهل التوقع لمعوقات البرنامج الدعوي التي قد يفاجأ بها الداعية أثناء أو قبل تنفيذ البرنامج، ويتم هذا بالاستفادة من المعلومات والبيانات التي يجمعها واضع الخطة الدعوية مما يجعله ــ بإذن الله ــ أكثر أمانًا وأقل عرضة للمفاجآت التي قد تُذهب جهوده أو تضعف ثمارها إضافة إلى أنه يعالج الخطأ في الوقت المناسب وقبل أن يتراكم فيمنع الرؤية وتصعب معالجته.
¥