تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[منطق الواقع ومنطق الحياة الصحيح]

ـ[علي جاسم]ــــــــ[04 Mar 2005, 07:50 م]ـ

بين منطق الواقع ومنطق الحياة

في مجتمعاتنا الشرقية، لو رأى أحدنا شيخا كبيرا يرتدي ملابس رياضة يتمرن في متنزه أو يعدو بين الناس أو يقفز وفق تمرين معين .. ماذا يمكن أن يشعر تجاه هذا الشيخ؟؟ المسألة تكاد تكون بديهية –شيخ خرف – بينما لو رأى أحدنا هذا الشيخ يحتقب كيس تبغ ودفتر لفاف ليستعرض في المجالس مهاراته في التدخين ابتداء من اقتطاع الورقة مرورا بالتفنن بالأصابع وهي تمسك الكيس وتمسك الورقة الرقيقة وتضع التبغ بميزان كميزان الزارع وهو يضع البذور في حفرها وانتهاء برمي المتبقي من الدخينة .. ماذا سنشعر حينها تجاهه .. لربما اختلف الشعور من شخص لآخر واختلفت الرؤية بل التقييم من شخص لآخر .. فقد يعتبرها البعض رمز الوقار والحكمة ويعتبرها الآخر أنيس المجالس وثالث يعتبرها مجلبة للضرر والأمراض .. لكن مما لا شك فيه ولا مشاحة فيه،أنه لا يوجد من يشك بقدرة هذا الشيخ العقلية وهو يورد نفسه مورد الهلكة بهذه الدخينة بقدر ما هم كثير أولئك الذين يشكون بقدرته العقلية وهو يرتدي ملابس رياضية يتمرن في حديقة أو مكان عام على أعين الناس .. والمسألة مع النساء أدهى وأمر والألسنة الحداد معهن ليست حدادا فقط بل بواتر لا تبقي ولا تذر .. على أن الرؤية و التقييم تنقلبان رأسا على عقب في بلدان العالم فسلامة العقل واعتدال الأمزجة وأريحية الطبيعة هي عند ذاك الشيخ الواثب كالفتيان وعند تلك العجوز المتحركة بخفة الغلمان .. والجهل إن لم نقل التخريف عند ذاك الغارق في سحابة الدخان المنبعث من لفافته هذا بغض النضر عن اشمئزازهم من منظره .. فلماذا كانت اللفافة ضربا من ضروب الوقار والدراية هنا وكانت شعبة من شعب التخريف والجهالة هناك .. ؟؟؟

هذا هو الفرق بين منطق الواقع ومنطق الحياة .. فمنطق الواقع هو ما تعارف عليه المجتمع من تقاليد وسلوكيات وعادات فهي تنبع من موروث الأمة الاجتماعي صوابا كانت أم خطئا .. أما منطق الحياة فهو ينبع من فطرة الإنسان البسيطة وسنة الحياة، وهو بذلك أقرب لسلامة الذوق الإنساني واعتدال الأمزجة النفسية ..

سلامة المجتمع مقرونة بحركة الحياة التي يقوم بها .. مقرونة بطبيعة روح المجتمع .. مقرونة باقتراب الإنسان من منطق الحياة السوي المعتدل .. مقرونة بقدرته على التخلص من أوهاق التقليد أو العرف .. وهي بعد هذا وذاك دليل قوة الإنسان وقدرته على قولبة المجتمع بدل أن يتقولب هو للمجتمع وهذه العقبة الكئود ما انفكت تقيد الإنسان وتسلبه الخيرة بالمضي بما يناسب قناعاته الشخصية .. ولربما فعل الفعل ونفسه تعافه بل ويعافه منطق الحياة السليم .. ويترك الآخر ونفسه تتوق إليه لاعتبارات العرف والتقليد .. وهذه من أمهات العقبات التي كانت تعترض منهج الله تعالى عند كل أمة {قالوا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون} {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آبائنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد} وحتى مع قوم لوط فمنطق الواقع هو ما كانوا يفعلون بينما يأبى منطق الحياة السوية هذا السلوك {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات} هذا منطق واقعهم بينما منطق الحياة والفطرة الإنسانية {قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} لكنهم أبوا إلا أن تجري الأحداث بما يمليه عليهم واقعهم {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} ويأبى منطق السماء إلا أن تكون سنة الله في خلقه وفطرة الله التي فطر الوجود عليها هي العليا {فجعلنا عاليها سافلها} وهذا هو حال كل أمة تأخذ الأعراف والتقاليد فيها لباب الحياة .. يعيش الإنسان فيها ازدواجية شعور وتناقضات تبقى معه ويبقى فيها ما بقي أسير العرف الغث والتقاليد العجاف التي قد لا توافق منهج الله كما لا توافق منطق الحياة الصحيح .. والسؤال الذي نختم به الكلمة " هل يتفق الإسلام كمنهج مع منطق الحياة .. والجواب قطعا (نعم) ذلك لأن الإسلام دين الفطرة الإنسانية البسيطة فالإسلام هو منطق الحياة السوي المعتدل .. وقد أخبر تعالى ذلك بقوله {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه} ..

ـ[الجندى]ــــــــ[04 Mar 2005, 09:43 م]ـ

موضوع طيب اخى، بارك الله فيك

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير