[الفروق في باب الاعتقاد]
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[11 May 2005, 05:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذا موضوع خطر على بالي من مدة، وهو جمع الفروق التي ذكرها العلماء في مسائل العقيدة، ولا يخفى على اللبيب دقة، وأهمية الفروق في جميع أبواب العلم، فهو من مهمات العلوم، ولذا عني العلماء به عناية كبيرة، وأفردت فيه عدة مصنفات جلها في الفقهيات، وإن كان قد يعرض فيها فروقا غير فقهيه كما فعل القرافي، وأما باب العقيدة فلا أعرف أنه صنف فيها مصنفا مستقلا.
ولأهمية هذا الباب، وما يترتب عليه من تجلي كثير من الإشكالات؛ فسأقوم ـ بإذن الله ـ بنقل ما مر، ويمر علي من فروق في كتب أهل العلم .. ومن أحسن من تكلم على فروق العقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، ومن سار على نفس النهج المبارك من بعدهم ..
قال ابن القيم في آخر كتاب الروح ص260:
فصل: وهذا باب من الفروق مطول، ولعل إن ساعد القدر أن نفرد فيه كتابا كبيرا، وإنما نبهنا بما ذكرنا على أصوله، واللبيب يكتفي ببعض ذلك، والدين كله فرق، وكتاب الله فرقان، ومحمد صلى الله عليه وسلم فرّق بين الناس ومن اتقى الله جعل له فرقانا (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) وسمى يوم بدر يوم الفرقان؛ لأنه فرق بين أولياء الله وأعدائه؛ فالهدى كله فرقان، والضلال أصله الجمع، كما جمع المشركون بين عبادة الله وعبادة الأوثان، ومحبته ومحبة الأوثان، وبين ما يحبه ويرضاه، وبين ما قدره وقضاه؛ فجعلوا الأمر واحد، واستدلوا بقضائه وقدره على محبته، ورضاه، وجمعوا بين الربا والبيع؛ فقالوا: (إنما البيع مثل الربا)، وجمعوا بين المذكي والميتة، وقالوا: (كيف نأكل ما قتلنا ولا نأكل ما قتل الله)، وجمع المنسلخون عن الشرائع بين الحلال والحرام؛ فقالوا: (هذه المرأة خلقها الله وهذه خلقها، وهذا الحيوان خلقه، وهذا خلقه فكيف يحل هذا ويحرم هذا؟)، وجمعوا بين أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان، وجاءت طائفة الاتحادية فطموا الوادي على القرى، وجمعوا الكل في ذات واحدة وقالوا: هي الله الذي لا إله إلا هو، وقال صاحب فصوصهم وواضع نصوصهم:واعلم أن الأمر قرآنا لا فرقانا
ما الأمر إلا نسق واحد * ما فيه من مدح ولا ذم
وإنما العادة قد خصصت * والطبع والشراع بالحكم
والمقصود أن أرباب البصائر هم أصحاب الفرقان، فأعظم الناس فرقانا بين المشتبهات أعظم الناس بصيرة، والتشابه يقع في الأقوال، والأعمال والأحوال، والأموال، والرجال، وإنما أتى أكثر أهل العلم من المتشابهات في ذلك كله، ولا يحصل الفرقان إلا بنور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده يرى في ضوئه حقائق الأمور، ويميز بين حقها وباطلها وصحيحها، وسقيمها (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور)
[ثم سرد شيئا من ذلك سأنقله لا حقا بإذن الله]
ولعلي افتتح هذا الفروق بسرد عدد منها مجموع عندي من كلام الشيخ العلامة عبد الرحمن البراك، ثم بعده أنقل ما وقفت عليه لغيره.
وأدعو إخواني في الله أن يتعاونوا معي بذكر ما يقفون عليه من فروق ليعم النفع للجميع ..
* سرد الشيخ بكر أبو زيد في كتابه " التقريب لعلوم ابن القيم" الفروق عند ابن القيم، ثم جمعها في كتاب مستقل الأخ يوسف الصالح.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[11 May 2005, 05:20 م]ـ
سئل الشيخ البراك في لقاء ملتقى أهل الحديث بالشيخ.:
ما الفرق بين الشرك والكفر وأيهما أعم؟
الجواب: الحمد لله، من المعروف أن الشرك منه أكبر، ومنه أصغر، وكذلك الكفر، والذي يظهر أن السؤال في الفرق بين الكفر الكبر، والشرك الأكبر، فإن كلا من الشرك الأصغر، و الكفر الأصغر من أنواع المعاصي بل من الكبائر فأما الشرك الأكبر وهو اتخاذ ند لله في العبادة كما قال لله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ ـ إلى قوله ـ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قلت يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك ".
وأما الكفر الأكبر فكل ما يناقض الشهادتين شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومعلوم أن الشرك الأكبر يناقض شهادة ألا إله إلا الله كل المناقضة؛ فهو كفر أكبر، ومن الكفر تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا، وهو: الجحود، أو باطنا، وهو: النفاق، ومن الكفر الاستهزاء بالله عز وجل أو بالقرآن أو بالرسول صلى الله عليه وسلم كما قال سبحانه {قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، وبهذا يتبين أن بين الشرك الأكبر، والكفر الكبر عموم وخصوص، فكل شرك أكبر فهو:كفر، وليس كل كفر أكبر شركا، والله أعلم.
¥