ويستمر الطلبة في القراءة عليه من الفجر إلى أن يحين وقت ذهابه للعمل، فيصاحبه بعضهم في طريقه إلى الشقة ويقرؤون عليه في المصعد، ثم ينتظرونه أمام باب الشقة ويقرؤون عليه إلى السيارة، ويركب معه في السيارة طالبان أو ثلاثة أو أربعة يقرؤون عليه إلى أن يصل إلى النظيم.
وبمجرد أن ينتهي من عمله قبيل العصر إذا به يجد بعض الطلاب ينتظرونه عند باب السيارة ويقرؤون عليه في طريق العودة من النظيم إلى البطحاء.
ثم تستمر القراءة عليه من العصر إلى الساعة 12 منتصف الليل تقريبا إما في المسجد وإما في البيت، وكان عابداً زاهداً من الصالحين، نحسبه كذلك والله حسيبه.
ولم أر على كثرة من رأيت من المقرئين مقرئاً يبذل نفسه ووقته للإقراء كما كان الشيخ عباس يفعل.
وأخشى أن يكون هذا هو الذي قضى عليه فقد كان يتحامل على نفسه مهما كان به من تعب أو مرض ليقرئ الناس
وكان يقرئ الطلاب محتسباً أجره عند الله لا يأخذ على القرآن أجراً
بل كان يحسن إلى الفقراء من طلابه من ماله ويواسيهم
وكان لا يتوقف عن الإقراء إلا ساعة أو أقل قبل المغرب يتوقف فيها عن الإقراء ليقرأ هو ما تبقى من ورده، وكان يختم القرآن كل أسبوع، وكان سريع القراءة جداً كان يقرأ أمامنا من حفظه المتقن الجزء في نحو 18 دقيقة، قرأ ختمة كاملة من حفظه على شيخنا الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله فلم يخطىء في القرآن كله إلا في كلمة واحدة سها فيها (وهي: قدرناها بدل قدرنا إنها أو العكس)
وبعد عودتنا إلى مصر كنت أقيم بالإسكندرية وهو يقيم بالقاهرة، وقد شرفني فضيلته بزيارتي في بيتي بالإسكندرية ومعه ثلاثة من طلابه اصطحبوه في سيارته وقرؤوا عليه في الطريق ذهابا وإياباً، وألححت عليه أن يبيت معنا فأبى ورجع إلى القاهرة في نفس اليوم.
وكونه على فضله وشرفه يزور تلميذه العبد الفقير هو من دلائل تواضعه وكرم أخلاقه.
ومما تميز به الشيخ عباس حرصه على اقتناء كتب القراءات حتى صوّر معظم مخطوطات القراءات في العديد من مكتبات العالم
ويبذل المال الكثير في سبيل الحصول على كتاب في القراءات ليس عنده
أذكر أنه سمع بوجود كتاب المقدم في الأداء لابن يالوشة بإحدى المكتبات التونسية فكلف بعض التونسيين أن يصور له الكتاب، فأخبره أنهم طلبوا قيمة تصويره 800 ريال رغم أنه نحو 40 أو 50 صفحة فقط فلم يمانع وحصل على تلك الصورة ب800 ريال ثم جعل يعيرها للراغبين من طلابه لتصويرها وقد استعرته منه وصورته بـ 3 ريال أو نحوها
ومكتبته الضخمة في القراءات التي عانى في جمعها ما عانى من الأسفار والنفقات مبذولة لطلابه يستعيرون منها ويصورون ما يشاؤون
وفضائل شيخنا الشيخ عباس ومآثره عظيمة جليلة، هذه نبذة منها
ولعل الله أن ييسر قريبا بترجمة أكتبها له
رحم الله شيخنا وغفر له وعوض الأمة خيرا
اللهم ارحم عبدك عباسا وارفع درجته في المهدييين، و اخلفه في عقبه في الغابرين.
اللهم اغفر له وارحمه وعافاه واعف وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم جازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا.
اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله.
اللهم ألبسه الحلل وأسكنه الظلل
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Nov 2004, 09:26 ص]ـ
وقع سهوا عالما من علوم القراءات والصواب من علماء فأرجو المعذرة
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[30 Nov 2004, 07:25 م]ـ
رحمه الله، وغفر له، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه.