(وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32))
30 - سرعة سريان الشائعات بين النساء (وقال نسوة ..... ) وكالة الأنباء مجرد ما تتلقى خبر بالذات مثل هذا إلا و هو في البلد منتشر، دارت الأخبار بسرعة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه. (فلما سمعت بمكرهن) و هذا كيد النساء تريد أن ترد الآن فجمعتهن وأعددت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن، هو خادم في البيت يطيع رغماً عنه اخرج عليهن، خرج عليهن فلما رأينه انشغلن بجماله عن السكاكين التي تعمل في الأيدي، و قطعن أيدهن وسالت الدماء بدون إحساس وهذا يدل على شده جمال يوسف عليه السلام لدرجه أن ألم تقطيع الأيدي ما عاد يشعرن به أمام رؤية يوسف عليه السلام.
31 - أن الملائكة يمتازون بجمال الخلقة و إن هذا استقر عند الناس لذلك النسوة هؤلاء لما راءوا جمال يوسف (قالوا ما هذا بشر إن هذا إلا ملك كريم) فعند الناس مستقر أن الملك جميل الخلقة و الشيطان قبيح جدا.
قيل أن الجاحظ كان جالساً فجاءت امرأة مع صائغ و قالت مثل هذا و أشارت إلي الجاحظ ثم انصرفت، فالجاحظ استغرب فذهب وتبعه حتى وصل إلي المحل قال ما هذا؟ قال هذه امرأة جاءتني فقالت اعمل لي حلياً عليه صورة الشيطان فقلتُ لها و ما أدراني ما صورة الشيطان حتى اعملها لك؟ قالت: ورائي فقادتني إليكَ فقالت مثل هذا.
فاستقر في أذهان الناس إن الشيطان شكله قبيح وان المَلَك شكله جميل، والله عز و جل قال عن جبريل (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) (النجم:6) أي جمال وقال عن شجره الزقوم (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ) (الصافات:65) في القبح.
(قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35))
32 - أن المسلم إذا خُيِّر بين المعصية و بين الصبر على الشدة. يصبر على الشدة و يُؤثر أن يطيع الله ولو رَمَوه بسوء (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)
واستعانة يوسف بالله (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ) يعنى الإنسان ضعيف و يوسف يقول هذا أن الإنسان بدون توفيق من الله ضعيف والمقاومة تنهار فأي واحدٍ يتعرَض لحرام فالمفروض أن يلجأ إلى الله بالدعاء أن يُخَلِصَه من هذا وإنه يصرف عنه الشرَّ و الفحشاء.
33 - استجابةُ الله لأوليائه والدعاة المخلصين (فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) يسمع دعاء عبده (الْعَلِيمُ) بحال هذا العبد الذي يدعوه.
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36))
34 - أن سيما الصالحين تُعرَف في وجوههم، يعنى الآن اثنان في السجن ومعهم يوسف فلماذا لجئا إليه؟ هل هما يعرفان يوسف من قبل أنه صاحب علم؟ أو أنه يعبر الأحلام؟ لا.
¥