تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن تعظيم الأغاني وآلات الملاهي، وإظهار أصحابها بمظهر السيادة والريادة دعوة للناس إلى الغي والضلال، وصدّ لهم عن كتاب الله، وسنة رسوله، وقد قال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: ((ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا)) رواه مسلم.

أيها المسلمون:

عجبًا من أمة تغني طربًا في حين أنها أمةٌ مثخنة بالجراح والدماء، مثقلة بتلال الجماجم والأشلاء، يُنال من كرامتها، ويُعتدى على أرضها وعرضها، ومقدساتها في الصباح والمساء، تُغني طربًا، وكأن لم يكن ثمّ حروبٌ شديدة، ووقائع مبيدة، وقتال مستعر، وأممٌ من المسلمين تحتضر، نعوذ بالله من موت القلوب وطمس البصائر.

أيها المسلمون:

نَزِّهوا أنفسكم وأسماعكم عن اللهو ومزامير الشيطان، وأحِلُّوها رياضَ الجنان، حِلق القرآن، وحِلق مُدارسة سُنَّة سيد الأنام، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، تنالوا ثمرتها، إرشادًا من غي، وبصيرة من عُمي، وحثًا على تُقى، وزجرًا عن هوى، وحياة لقلب، ودواءً وشفاءً، ونجاةً وبرهانًا، وكونوا ممن قال الله فيهم:) وَ?لَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِراماً ([الفرقان: 72]، وممن قال فيهم جل وعلا:) وَ?لَّذِينَ هُمْ عَنِ ?للَّغْوِ مُّعْرِضُونَ ([المؤمنون: 3].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون, وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

عباد الله:

اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه،) يَـ?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ ?تَّقُواْ ?للَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ?لصَّـ?دِقِينَ ([التوبة: 119].

أيها المسلمون:

شرع الله في النكاح الضرب بالدف مع الغناء الذي ليس فيه دعوة ولا مدح لمحرم, للنساء خاصة، لإعلان النكاح والتفريق بينه وبين السفاح، يقول النبي: ((فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح)) أخرجه الترمذي وغيره، وفي صحيح البخاري تقول الرُبيِّع بنت معوّذ بن عفراء حين البناء عليها والدخول بها: "فجعلت جُويريَّات لنا يضربن بالدف، ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر".

يقول ابن حجر في فتح الباري: "والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء، فلا يلتحق بهن الرجال، لعموم النهي عن التشبه بهن".

أيها المسلمون:

وإن مما يؤسف له أن يتجاوز كثير من الناس ما شُرع لهم إلى ما حُرِّم عليهم، وذلك باستئجارهم المغنين والمغنيات، والمطربين والمطربات، الذين يتغنون بأشعار الفسقة والكلام الهابط، وإحضارهم الآلات الموسيقية والطبول وغيرها، ودفعهم المبالغ الكثيرة الباهظة في مثل هذه المحرمات، واستعمالهم مكبرات الصوت بالغناء، وإيذائهم المسلمين من الجيران وغيرهم، والتشبه بالراقصات العاهرات في رقصهن وإمالتهن، واختلاط الرجال بالنساء، وإضاعة الأوقات والصلوات، إلى غير ذلك من الفتن العظيمة، والعواقب الوخيمة، التي سرت في صفوف كثير من المسلمين، بطريق العدوى والتقليد الأعمى.

فالحذر الحذر -يا عباد الله- وإياكم وحضور مثل هذه المجالس، يقول الإمام الأوزاعي -رحمه الله تعالى-: "لا تدخل وليمة فيها طبل ومعازف".

عباد الله:

توبوا وأنيبوا، والتزموا بآداب دينكم، وأصلحوا ما فسد من أحوالكم، وتمسكوا بكتاب ربكم، وسنة نبيكم محمد تفلحوا وتنجحوا.

واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، وثنّى بملائكته المسبحة بقُدسه، وثلّث بكم أيها المؤمنون من جنه وإنسه، فقال قولاً كريمًا:) إِنَّ ?للَّهَ وَمَلَـ?ئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ?لنَّبِىّ ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً ([الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير