لم تزرني، ولا تقل إذا أتيتني لأكرمتك.
12 - أيْ:
أيْ المفتوحة الهمزة الساكنة الياء حرف تفسير، على المشهور. تفسَّر بها الجمل كما تفسَّر المفردات. ومثال التفسير بالجُمَل قول الشاعر: (وترمينني بالطرف أي أنت مذنب)، وقولك (سألته أن يحضر أي طلبت منه الحضور، وقولك (قُطع رزق خالد أي مات) ببناء –قُطع- للمجهول، ولا أشكال في ذلك.
وتفسَّر بأي المفردات، تقول (أكرمت خالداً أي أباك)، فيقع الأشكال فيما بعد (أي)، ما محلّه من الإعراب!
أقول المشهور أن يقع الاسم بعد (أي) المفتوحة الساكنة بدلاً من الاسم قبلها، فيرفع أو ينصب أو يجر مثله. تقول: جاء أي خالدٌ بالرفع فيهما، ولقيت أخاك أي خالداً بالنصب فيهما، وظفرت بأخيك أي خالد بالجر فيهما.
وأجاز بعضهم النصب بفعل مضمر بعد المرفوع والمجرور. تقول: جاء أخوك أي خالداً، وتقديره أعني خالداً، كما تقول: أحسنت إلى أخيك أي خالداً، وتقديره أعني خالداً.
كما أجازوا الرفع بعد المنصوب والمجرور، على الاستئناف، كما جاء في اللسان. على أن المشهور هو اتباع ما بعد (أي) ما قبلها رفعاً ونصباً وجراً.
13 - أيّ:
أيّ بفتح الهمزة وتشديد الياء، تكون اسماً للاستفهام أو الشرط أو الموصول:
ومثال الاستفهام قولك: أي الناس أفضل؟ فتكون أي مرفوعة بالابتداء وخبرها أفضل، ويأخذ بعض النقاد على الكتاب قولهم: أيهما أفضل العلم أم المال؟ ويرون هذا خطأ ويجدون الصواب: أيما أفضل العلم أم المال؟ لأن ا لضمير في –أيهما- عاد إلى اسم ظاهر تأخر عنه لفظاً وتقدم رتبة وهو العلم والمال، وهذا لا يجوز. قال الدكتور مصطفى جواد في كتابه (قل ولا تقل): "قل أيما أفضل العلم أم المال؟ ولا تقل: أيهما أفضل العلم أم المال، ذلك لأن –هما- في قولك –أيهما- ضمير يعود إلى اسم ظاهر تأخر عنه لفظاً وتقدم رتبة عوداً غير مجاز ... ".
أقول جاء في كلام الفصحاء (أيما) و (أيهما) في مثل هذا الموضع. ففي نهج البلاغة: "أيما أفضل العدل أو الجود. قال عليه السلام العدل يضع الأمور مواضعها والجود يخرجها من جهتها، والعدل سائس عام والجود عرض خاص، فالعدل أشرفهما وأفضلهما –3/ 257 - 258". وفي كتاب الحيوان للجاحظ: "أيّهما أشد الشتاء أم الصيف .. " فصح بذلك الوجهان أيّما أفضل كذا أم كذا، وأيهما أفضل كذا أم كذا.
وقد تدل (أي) الاستفهامية على التعجب حيناً في مثل قولك (أي شاعر هذا الذي سمعت) أو تدل على الكمال كقولك (سمعت شاعراً أي شاعر) فتكون –هذه صفة لنكرة والمعنى أنك تثني عليه بكل ما يُمدح به الشاعر. وتقول في هذا المعنى: (لله درّ زيد أيّ شاعر) فتنصب (أي) على الحال بعد المعرفة أو ترفع (أي) على الابتداء فتكون استفهامية.
ومثال مجيء (أي) اسماً للشرط قولك: أي رجل يُخلص في عمله يلق نجاحاً، فأي مرفوعة بالابتداء والجملة بعدها خبر. وفعل الشرط (يخلص) والجزاء (يلق) مجزومان. وهكذا قوله تعالى: "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى- الإسراء /110". والمعنى أيّ هذين تدعوا فهو حسن. فتكون –أيّاً- منصوبة مفعولاً به مقدماً لتدعوا، و –ما- زائدة للتأكيد. وفعل الشرط –تدعوا- مجزوم، وقد دخلت الفاء في الجزاء. وكذا قولك: بأيِّ سببٍ تعتذر يقبل اعتذارك، ففعل الشرط –تعتذر- وفعل الجزاء- يقبل- مجزومان.
ويسأل الكتاب أتتبع- أي- ما تضاف إليه في الشرط والاستفهام فتذكَّر مع المذكَّر وتؤنث مع المؤنث!
أقول بحث هذا الأستاذ محمد العدناني في كتابه (معجم الأخطاء اللغوية المعاصرة) فأوجب التذكير دوماً، إذ قال: "ويقولون أية طالبة فازت بالجائزة؟ والصواب: أي طالبة، لأن –أي- الاستفهامية إذا أضيفت إلى نكرة ثبت لفظها مفرداً دائماً. وأي الشرطية كالاستفهامية". وليس الأمر على ما قال العدناني.
ففي الصحاح: "وتقول أي امرأة جاءتك أو جاءك، على الاستفهام، وأية امرأة جاءتك؟ " فأجاز الوجهين: أي امرأة وأية امرأة. وجاء في المصباح المنير: "والأفصح استعمال –أي- في الشرط بلفظ واحد للمذكر والمؤنث" فآثر التذكير مع المؤنث ولم يوجبه، وكذا الحال في الاستفهام.
وتأتي (أي) اسم موصول في ثلاث أحوال:
¥