ب ـ البحيرة الكبيرة.
ج ـ الأنهار أو الأنهار العظيمة.
د ـ البحر بدلالته الحالية.
ـ أما معنى "الماء الكثير العذب أو الملح"، فقد ذكر ابن دريد أن: "العرب تسمي الماء المِلْح والعذب بحراً إذا كثر" (3)، وذكر ابن سيده أن: "البحر الماء الكثير ملحاً كَان أو عذباً وقد غلب على الملح حتى قلَّ في العذب"، وأعاد هذا الكلام كل من (ابن منظور ـ الفيروز آبادي ـ الزبيدي).
ـ وأما معنى "البحيرة الكبيرة" فهو مستمد من قول الخليل: "إذا كان البحر صغيراً قيل له بحيرة وأما البحيرة في طبرية فإنها بحر عظيم وهو نحو من عشرة أميال في ستة أميال". وأجد صدى هذا الكلام عند الأزهري وابن منظور كليهما.
ـ وأما معنى الأنهار أو الأنهار العظيمة، فقد قال الأزهري: "قال: [أي الزجاج]: وكل نهر ذي ماء فهو بحر. قلت: كل نهرٍ لا ينقطع ماؤه مثل دجلة والنيل وما أشبههما من الأنهار العذبة الكبار فهي بحار وأما البحر الكبير الذي هو مغيض هذه الأنهار الكبار فلا يكون ماؤه إلا مِلْحاً أجاجاً ولا يكون ماؤه إلا راكداً وأما هذه الأنهار العذبة فماؤها جارٍ وسميت هذه الأنهار بحاراً لأنها مشقوقة في الأرض شقَّاً".
وقال الجوهري: "وكل نهر عظيم: بحر"، ومثله ذكر الزنجاني في تهذيبه.
وعمّم ابن فارس فقال: "والأنهار كلها بحار"، ونقل ابن منظور عن الأزهري وسواه ما قالوه.
ـ وأما معنى البحر بدلالته الحالية فهو الأغلب والأشهر، وهو المعنيّ بإطلاقه، فقد ذكره أحد أصحاب المعاجم كلهم إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكني ـ مع هذا ـ لا أجد له تعريفاً دقيقاً في معاجم اللغة فقد اكتفى كل من ابن دريد وابن فارس والحميري بالقول: "البحر: معروف"، أو أعثر على شذرات قليلة إذ اقتصر الفارابي على قوله: "البحر نقيض البر"، ومثله الجوهري فقد قال: "البحر خلاف البر"، وكذلك فرّق الأزهري بين النهر العظيم الذي يسمى بحراً والبحر ـ الفقرة السابقة ـ.
غير أن المهم حقاً هو ذلك الرأي المتفرّد الذي ينقله الزبيدي عن شيخه أن البحر هو الأرض التي فيها الماء أو محلّ الماء وليس هو الماء نفسه، يقول: "قال شيخنا: في قوله الماء الكثير، قيل: المراد بالبحر الماء الكثير كما للمصنّف، وقيل المراد الأرض التي فيها الماء ويدلّ له قول الجوهري: لعمقه واتساعه، وجزم في القاموس بأن كلام المصنف على حذف مضاف وأن المراد محل الماء، قال: بدليل ما سيأتي من أن البر ضد البحر، ولحديث: "هو الطهور ماؤه"، يعني والشيء لا يضاف إلى نفسه، قال شيخنا: ووصفه بالعمق، والاتساع قد يشهد لكل من الطرفين".
وأما سائر أصحاب المعاجم المدروسة هنا فلا أجد لديهم أي تعريف للبحر.
2 ـ سبب تسميته:
قد احتفل علماء العربية كثيراً بتبيين سبب وقوع الاسم على المسمى وقد حظي هذا المسطح المائي الذي يحيط باليابسة بتعليلات خمسة لتسميته بالبحر:
أولهما: السعة، يقول ابن فارس في المجمل: "سمّي بذلك لاتساعه"، (الحميري ـ الفيوّمي).
ثانيها: الانبساط، يقول الخليل: "سمي به لاستبحاره وهو انبساطه وسعته"، (الأزهري ـ ابن فارس في المقاييس ـ ابن منظور ـ الزبيدي).
ثالثها: العمق، يقول الجوهري: "يقال سمّي بحراً لعمقه واتساعه"، (الزنجاني ـ ابن منظور ـ الزبيدي).
رابعها: الملوحة، ينقل ابن منظور عن ابن برّي قوله: "وسمّي بحراً لملوحته"، (الزبيدي).
خامسها: الشق، يقول الأزهري: "سمي البحر بحراً لأنه شقّ في الأرض شَقَّاً، وجعل ذلك الشق لمائه قراراً، والبحر في كلام العرب الشق، ومنه قيل للناقة التي كانوا يشقُّون في أذنها شقاً بحيرة". (ابن منظور ـ الزبيدي).
هذه هي التعليلات الخمسة التي ذكرها اللغويون الأوائل ونقلها عنهم المتأخرون من دون كبير تمحيص أو تدقيق أو مراجعة سوى الفيروز آبادي الذي يتفرّد برأيه النافذ وإشارته المضيئّة فلم يذكر في القاموس المحيط سبب تسمية البحر، ولم يعلّل ذلك بل على العكس تماماً، فإنه ـ كما يتراءى لي من استقراء كلامه ـ يرى أن هذه التعليلات إن هي إلا معان مجازية مستنبطة منه طارئة عليه، وذلك فيما نقله الزبيدي في تاج العروس عن الفيروز آبادي في كتابه البصائر، يقول: "وقال المصنف في البصائر:"وأصل البحر مكان واسع جامع للماء (4)، الكثير، ثم اعتبر تارة سعته المكانية فيقال: بحرت كذا: وسَّعته سعة البحر، تشبيهاً به: ومنه: بحرت البعير: شققت
¥