ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[15 Aug 2005, 07:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أشكر للأخوين الكريمين / عبد الرحمن الشهري وأبي عبد المعز اهتمامهما بهذه الفكرة والإدلاء فيها بدلوهما , نفع الله بهما وأجزل مثوبتهما.
وأبدا بأخي الفاضل عبد الرحمن
نعم صدقت فأنا أعتز بكوني تلميذا للعلامة أبي موسى (حفظه الله تعالى) بل وأشكر الله على ذلك وأزيد أنني تتلمذت أيضا على تلميذ أبي موسى وهو العالم الجليل (محمود توفيق سعد) أعزه الله وأطال في عمره , وكلاهما في نظري يمثلان (ابن تيمية وابن القيم) في عالم البلاغة.
ولنعد سويا إلى موضوع الحوار
أنا ياسيدي لا أنظر إلى البلاغة من الجانب الصوتى فقط لأن ذلك قد يجرنا إلى طريق ضيق في علم البديع , لكنني أحاول النظر إلى موسيقى البلاغة العربية في جميع أبوابها بداية من فصاحة اللفظة ومرورا بأبواب علم المعاني فالبيان فالبديع.
إنني هنا أحاول أن أتسمع بأذني وبقلبي إلى هذا النغم الكامن خلف كل باب ومازات في بداية الطريق , فهي فكرة قد تثمر عن شيء وقد يكفي فيها الأجر الواحد. والله المستعان
أما حديث الشيخ أبي عبد المعز فهو في مجمله حديث غني مفيد فتح جوانب عدة لكن فلنبدأ ياسيدي بالاتفاق.
إذا كان في التراث مايشعر بوجود اتفاق بين الموسيقى والبلاغة فلم لا نبحث عنه؟
ثم إنني لاأفتش عن اتحاد كامل بين الموسيقى والبلاغة بل أنقب عن علاقات النسب ووشائج القربى وصلات الرحم بينهما.
ثم دعني أتفق معكم مرة أخري في أن الموسيقى من مقولة الصوت والبلاغة من مقولة الفكرة لكن ألا تتفق معي في أن مقولة الصوت في الموسيقى لابد أن تكون من ورائها فكرة؟
وأن مقولة الفكرة في البلاغة لاتتأتى إلا من خلال الصوت.؟
وفي الختام تقبلا شكري واحترامي وتقديري
أبو أنس
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[15 Aug 2005, 01:00 م]ـ
سيدي الدكتور الفاضل-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أشكرك على الطرح الهاديء والرغبة فى تلمس وجوه الاتفاق ..... وفي هذا المقام نفسه أقول:
تجنبا لأي شكل من أشكال سوء الفهم لا بد من تحديد الزاوية التي نرصد من خلالها هذه الثنائية التي تفضلت بإثارتها: الموسيقى /الفكر أو الصوت/المعنى أو العروض/البلاغة ....
وكما لا يخفى عليكم فزوايا النظر كثيرة والنتائج قد تتعارض أشد التعارض متى انتقلنا من زاوية إلى أخرى مثلا:
-من وجهة نظر "فقه العلم"-وهي الزاوية التي نظرت منها في كلامي السابق- الصلات مقطوعة بين الطرفين.
فأحدهما مادة والثاني روح.
أولهما يمكن أن يكون مادة لعلم طبيعي حقيقي وثانيهما لا يمكن أن يكون إلا "علما"انسانيا حدسيا.
أولهما له وجود موضوعي وثانيهما ذاتي
الى غير ذلك من التقابلات التي لا تؤذن بتوحد العلمين ... أو جعل أحدهما جزءا من الآخر ... فالجمع هنا بين العروض والبلاغة كالجمع بين علم الفزياء وعلم النفس ... لا يجتمعان .......
نعم لا يجتمعان من وجهة نظر فقه العلم فقط .... (للإشارة فاصطلاح"فقه العلم"هو المقابل العربي الفصيح للاصطلاح الاجنبي الشائع مع الأسف:الإبستمولوجيا)
-لكن إذا غيرنا الزاوية ونظرنا الى الطرفين - لا من حيث المنهج وإنما من حيث الوجود- كما لو نظرنا اليهما باعتبارهما رافدين من روافد علم الجمال في هذه الحال توجد صلات قوية ... وأقواها –كما أشرت سيدي-هي الغاية الواحدة التي يعملان معا على بلورتها ... وهي انتاج نص ممتع.
لكننا هنا نكون على صعيد تلقي النص .... أو تذوقه وانفصلنا عن صعيد استكناه الطبيعة والبنية ... ومثاله بناء بيت سكني فاشتراك الفزيائي (صاحب مبدأ الرافعة) المهندس (صاحب مبدأ الزاوية) والمقاول (صاحب المال) والبناء (صاحب الساعد) اشتراك كل هؤلاء لانجاز عمل واحد لا يبرر أن نطمع في توحيد علم الفزياء وعلم الهندسة وعلم الاقتصاد في علم واحد ....
والبيت الشعري كالبيت السكني ... فالموسيقى فيه ضربة لازب والمعنى ضربة لازب .. وهنا لا أختلف معك أبدا ... وأسلافنا كانوا على وعي من هذا وكانوا فى حكمهم على النص الأدبي مثلا يزاوجون بين المصطلحات الموسيقية والبلاغية فيتحدثون عن: الجرس واللفظ الرشيق والمعنى الصائب والغريب الخ ... لكنهم من جهة فقه العلم كانوا يميزون بصرامة بين علم العروض وعلم البلاغة فلا تتداخل مصطلحاتهما لأحدهما الوتد والفاصلة والزحاف .. وللثاني التشبيه والخبر والمجاز ..... كما لا تتداخل الاساليب المنهجية ... ويرون مثلا ان علم البلاغة اقرب الى النحو أما العروض فأدخل فى علم الموسيقى النظري الذى كان فى ذلك الزمان جزءا من الفلسفة (الفارابي مثلا).
خلاصة:
ابستملوجيا ........ لا علاقة.
استيطيقيا .......... علاقة غائية ... غاية الموسيقى والبلاغة خلق المتعة.
أدبيا ............. علاقة تجاور لازمة .... لاستحالة فصل الصوت عن "الصورة".
وتقبل اخي أبا أنس تحياتي وسلامي .....
¥