ـ[إمداد]ــــــــ[18 Aug 2005, 02:48 ص]ـ
وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4)
مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) (الكهف:5)
قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً} كالإيضاح لما أبهم في الآية السابقة، فيه إنذار لمثل النصارى الذين قالوا: إن المسيح ابن الله، ولليهود الذين قالوا: العُزير ابن الله، وللمشركين الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله.
والعزير ليس بنبي ولكنه رجل صالح.
(مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) أي بالولد أو بالقول، {مَا لَهُمْ بِهِ} أي بهذا القول، أو {مَا لَهُمْ بِهِ} أي بالولد (مِنْ عِلْمٍ) فإذا انتفى العلم ما بقي إلاَّ الجهل.
(ٍ وَلا لِآبَائِهِمْ) الذين قالوا مثل قولهم، ليس لهم في ذلك علم، ليسَ هناك ألاّ أوهام ظنوها حقائق وهي ليست علوماً.
"كبرت مقالتهم كلمةً" تخرج من أفواههم: أي عَظُمت لأنها عظيمة والعياذ بالله، كما قال تعالى:) تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً) (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ ولداً (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93). يعني: مستحيل غاية الاستحالة أن يكون له ولد.
قوله: (تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ)
نستفيد من قوله: (ُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) أن هؤلاء يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم وأنهم لا يستيقنون أن لله ولداً؛ لأن أي عاقل لا يمكن أن يقول إن لله ولداً، فكيف يمكن أن يكون لله ولدٌ، وهذا الولد من البشر نراه مثلنا يأكل ويشرب ويلبس، ويلحقه الجوع والعطش والحر والبرد، كيف يكون ولدٌ لله تعالى؟ هذا غير ممكن
(إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) أي ما يقول هؤلاء إلاَّ كذباً
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف:6)
قوله تعالى: {) فَلَعَلَّكَ} الخِطاب للرسول صلى الله عليه وسلم {بَاخِعٌ نَفْسَكَ} مهلكٌ نفسَك، لأنه كان صلى الله عليه وسلم إذا لم يجيبوه حَزِنَ حَزناً شديداً، وضاق صدره حتى يكادَ يَهلك، فسلَّاه الله وبيّن له أنه ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، وإنما عليه البلاغ وقد بلَّغ.
(عَلَى آثَارِهِمْ) أي باتباع آثارهم، لعلَّهم يرجعون بعد عدم إجابتهم وإعراضهم.
(إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث) ِ أي إن لم يؤمنوا بهذا القرآن.
المعنى أنه لعلك باخع نفسك من الأسف اي الحزن إذا لم يؤمنوا بهذا مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس عليه من عدم استجابتهم من شيء، ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ،. قال تعالى: {فإنما عليك البلاغ} [الرعد: 40]، وهكذا ورثته من بعده: العلماء، وظيفتهم البلاغ وأما الهداية فبيد الله، ومن المعلوم أن الإنسان المؤمن يحزن إذا لم يستجبِ الناس للحق، لكنَّ الحازنَ إذا لم يقبل الناس الحق على نوعين:
1 - نوع يحزن لأنه لم يُقبل قوله.
2 - ونوع يحزن لأن الحق لم يُقبل.
والثاني هو الممدوح لأن الأول إذا دعا فإنما يدعو لنفسه،
والثاني إذا دعا فإنما يدعو إلى الله عز وجل، ولهذا قال تعالى: {أدع الى سبيل ربك} [النحل: 125
ـ[إمداد]ــــــــ[23 Aug 2005, 10:27 ص]ـ
قوله تعالى: {إنا جعلنا} أي صَيَّرنا،
"ما على الأرض زينة لها " أي أنَّ ما على الأرض جعله الله زينة للأرض وذلك لاختبار الناس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلقون بالخالق؟ الناس ينقسمون إلى قسمين، منهم من يتعلق بالزينة ومنهم من يتعلق بالخالق،
إذاً جعل الله الزينة لاختبار العباد، سَواءٌ أكانت هذه الزينة فيما خلقه الله عز وجل وأوجده، أم مما صنعه الآدمي،
فالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنها من صنع الآدمي، والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله الماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، هذه زينة من عند الله تعالى.
قوله تعالى: {لِنَبْلُوَهُمْ} أي نختبرهم.
وقوله تعالى: {أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}
ولم يقل: "أكثر عملاً"؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر،
) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً) (الكهف:8)
وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا
أي هذه الأرض بزينتها، بقصورها وأشجارها ونباتها، سوف يجعلها الله تعالى {صَعِيداً جُرُزاً} أي خالياً، كما قال تعالى:) وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) (طه:105)
، أي نسفاً عظيماً ولهذا جاء مُنَكَّراً: أي نسفاً عظيماً،
إذا قامت القيامة لا قصور، لا جبال، لا أشجار، الأرض كأنها حجر واحد أملس، ما فيها نبات ولا بناء ولا أشجار ولا غير ذلك، سيحولها الله تعالى {جُرُزاً} خالية من زينتها التي كانت عليها.
¥