تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يعجبني منهجه في دراسة الأدب.

ولعل هذا الاحترام المتبادل بيننا، أن يمكنني ويمكنه، كل من ناحيته، أن نتعاون على خدمة العربية في هذه البلاد، وميدان الدراسة الجامعية بعد فيه سعة لاختلاف في المناهج والآراء مادام روح العلم هو المهيمن على هذا الاختلاف.

لعمرك إن هذا يمثل الروح العلمية النزيهة المطلوبة وليت كثيراً ممن يدرسون في الجامعات والمعاهد يتنبهوا إلى مثل هذا الخلق النبيل ليجنوا من ثماره فوائد كبيرة على التعليم الجامعي خاصةً والتعليم العام عامةً، لما فيه من كبح جماح المنازعات بين الناس وخصوصاً المتعلمين منهم والله تعالى المستعان.

ونجد في هذه الرسائل كذلك حديثاً عن كتاب مجهول للدكتور طه حسين وهو كتاب مرآة الإسلام، ففي رسالة مؤرخة بتاريخ 3/ 10/1960م يقول الدكتور عبد الله الطيب: سيدي الكريم، الدكتور طه حسين، أطال الله بقاءه، السلام عليك يا سيدي، وإليك مني التحيات والطيبات. وتالله يفتأ قلبي يذكرك ويتمنى لقاءك، وقد قرأت (مرآة الإسلام) مراراً. ولا أملك إلا أن أقول كما قال أبن مسعود رضي الله عنه: (إذا ذكر الصالحون فحيهلاً بعمر) فأبقاك الله للإسلام وللعربية ذخراً.

وقد سمعت في أثناء مناقشتي للدكتوراه في السودان من أحد المناقشين أن طه حسين قد رجع عن آرائه في هذا الكتاب، وهي معلومة حرية بالدرس. ومن عجب أن هذا الكتاب لا يكاد يذكره أحد، وإنه لجدير بالباحثين أن يفتشوا عن هذا الكتاب، ويعيدوا قراءته، فإن صحّ ما نقلته عن المناقش فينبغي أن تعاد قراءة طه حسين من جديد إنصافا للتاريخ، وحسماً لآراء لا تزال تتردد بين الفينة والأخرى، وحسماً لنزاع لا يزال يطل برأسه بين الباحثين، إذ لا يزال طه حسين يثير لغطاً بين الباحثين إلى هذا اليوم.

وإني لأرجو أن يتوافر على هذا الكتاب باحث جاد ليحسم هذه المسألة التي ذكرتها ولا أدري هل سبق أحد بمثل هذا القول أم لا؟

طه حسين وكتاب المرشد:

كتب الدكتور عبد الله الطيب في طالعة كتابه هذا يقول: يرجع الفضل الأكبر في إبراز هذا الكتاب من حجاب الخمول إلى جماهير القراء الكرام، إلى الأستاذ العلاّمة عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، فقد اختلس من زمنه القيّم ساعات لقراءة أصوله، ثم وعد بالتقديم له، ثم سعى سعياً حثيثاً في نشره، كل ذلك فعله ابتغاء وجه الله، واعترافاً بحق الأدب والأدباء وقد وردت مصر غريباً. وصدرت منها بعد لقائه وأنا أشعر بالعزة والكرامة، وقد قدّم الدكتور طه هذا الكتاب بمقدمة لطيفة أرى من المناسب ذكرها هنا لندرة الكتاب فيما بيننا ولأنها تفصح عن قيمة الكتاب ثانياً، ولأن فيها آراء خاصة بالدكتور طه ثالثاً: وتالياً هذا التقديم.

يقول الدكتور طه حسين:

" هذا كتاب ممتع إلى أبعد غايات الإمتاع، لا أعرف أن مثله أتيح لنا في هذا العصر الحديث.

ولست أقول هذا متكثّراً أو غالياً، أو مؤثراً إرضاء صاحبه، وإنما أقوله عن ثقة وعن بيّنة، ويكفي أني لم أكن أعرف الأستاذ المؤلف قبل أن يزورني ذات يوم، ويتحدث إليّ عن كتابه هذا، ويترك لي أياماً لأظهر على بعض ما فيه، ثم لم أكد أقرأ منه فصولاً، حتى رأيت الرضى عنه، والإعجاب به، يفرضان عليّ فرضاً، وحتى رأيتني ألح على الأستاذ المؤلف أن ينشر كتابه، وأن يكون نشره في مصر، وآخذ نفسي بتيسير العسير من أمر هذا النشر. وأشهد لقد كان الأستاذ المؤلف متحفظاً متحرجاً، يتردد في نشر كتابه، حتى أقنعته بذلك بعد إلحاح مني شديد. وقد يسّر الله هذا النشر، بفضل ما لقيت من حسن الاستعداد، وكريم الاستجابة، من شركة الطبع والنشر لأسرة الحلبي، فشكر الله لهذه الشركة حسن استعدادها، وكريم استجابتها، وما بذلت من جهدٍ قيم، لتطرف قراء العربية بهذا الكتاب الفذّ، الذي كان الشعر العربي في أشد الحاجة إليه.

وإني لأسعد الناس حين أقدم إلى القراء صاحب هذا الكتاب، الأستاذ عبد الله الطيب وهو شاب من أهل السودان، يعلّم الآن في جامعة الخرطوم، بعد أن أتم دراسته في الجامعات الإنجليزية، وأتقن الأدب العربي، علماً به، وتصرفاً فيه، كأحسن ما يكون الإتقان، وألّف هذا الكتاب باكورة رائعة لآثار كثيرة قيّمة ممتعة إن شاء الله.

أنا سعيد حين أقدم إلى قراء العربية هذا الأديب البارع، لمكانه من التجديد الخصب في الدراسات الأدبية أولاً، ولأنه من إخواننا أهل الجنوب ثانياً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير