تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي: أن اسم الله غير مشتق لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الاشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل ولكن الذين قالوا بالاشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألم بقلوبهم وإنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفور والرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسم الله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة وقول سيبويه إن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء هو بهذا الاعتبار لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتقوا منها الأفعال فإن التخاطب بالأفعال ضروري كالتخاطب بالأسماء لا فرق بينهما فالإشتقاق هنا ليس هو اشتقاق مادي وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضمن بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى". اهـ

فلم تجلس العرب لتضع المصادر أولا ثم تشتق منها الأفعال وإنما نطقت بالكل لضروة الأفعال في الكلام فهي والأسماء على حد سواء من جهة الاحتياج إليها في أداء المعاني، وهذا جار على قول من ينكر وضعية اللغة.

وعليه فإن بعض أسماء الرب جل وعلا:

مطلقة كالعليم فتطلق عليه، عز وجل، دالة على الذات وعلى صفة العلم التي اشتقت منها بدلالة المطابقة التي تعم العلمية على الذات والوصفية بالعلم.

ومقيدة كأحكم الحاكمين فيبقى اللفظ على قيده لتوقيفية الباب، وهي دالة، أيضا، على المعنى الذي اشتقت منه.

وأما الأفعال كـ: "مكر"، فهي دالة أيضا على المعنى الذي اشتقت منه، ولكن لتوقيفية الباب لا يشتق منها ولو اسم مقيد كأن يقال: "الرب، جل وعلا، ماكر بمن يمكر بالمؤمنين"، وإنما يكتفى بالوارد فيقال: "الرب، جل وعلا، يمكر بمن يمكر بالمؤمنين".

وعليه، والله أعلم، تكون:

عبارة: (الله هو الماكر بمن يمكر به) مشكلة لإطلاق اسم الماكر ولم يرد في النصوص مطلقا أو مقيدا وإنما ورد فعلا.

وتكون عبارة: (من صفات الله المكر بمن يمكر به): صحيحة لأنها دالة على صفة المكر الفعلية وهذا ما جاء به التنزيل.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير