جئنا لنتعلم. يعني للتعلم. من أين جئنا بالتعلُّم؟ .. من أنْ مع نتعلم. فحرف الجر لابد أن نتوصل إلى اسم يجره. فكيف نتوصل إليه؟ .. العرب جعلوا علامة على وجود أنْ. ما هي هذه العلامة؟ .. النصب. النصب يدل على أن هناك أن مقدرة. وأن المقدرة تجعل هذا الفعل إسما. لأن الحرف الموجود يحتاج إلى اسم. إما أن يكون مجرورا بالحرف. وإما أن يكون معطوفا بالحرف.
فاللام وحتى تجر المصدر المؤول على مصدر مفهوم من الكلام. والفاء والواو وأو تعطف المصدر المؤول على مصدر مفهوم من الكلام السابق. واضح؟ ..
طبعا كنا قد نبهنا على طلاب الفرقة الأولى أن هناك فاء ليست للسببية. يعني قبلها نفي وبعدها مضارع، ورُفع. في قول الله عز وجل " ولا يؤذن لهم فيعتذرون " يعتذورن. بمجرد ما تجد النون في يعتذرون، تعلم أنه مضارع مرفوع. لماذا رُفع؟ .. أنا عندي نفي محض. لا يؤذن لهم. نفي محض. والفاء. ثم الفعل جاء مرفوعا. لماذا؟ .. لأن الفاء ليست للسببية.
فاء السببية هي التي يكون ما قبلها سببا في حدوث ما بعدها: ليس عدم الاعتذار مسببا عن عدم الإذن. إنما الله ينفي أمرين. ينفي الإذن لهم. وينفي عذرهم.
يا أيها الكرام، لو كانت القراءة: ولا يؤذن لهم فيعتذروا .. كان معناها أنه ترتب عدم العذر على عدم الإذن. يعني كأن المعنى أن هؤلاء الناس لهم عذر. ولكن الله لم يأذن لهم. إذن لهم حجة أم ليس لهم حجة؟ .. والله لم يدع لأحد حجة. الأعذار انتهت بالموت. يعني في القيامة لا يوجد عذر. ولا يؤذن لأحد أن يتعتذر لأن زمن الاعتذار انتهى بالموت.
إذن " فلا يؤذن لهم فيعتذرون " أي لا يؤذن لهم ولا يعتذرون. يعني أن الله ينفي الفعلين. أما " لا يقضى عليهم فيموتوا " .. لم يموتوا لأن الله لم يقض بالموت في الآخرة. ولو قضى بالموت لماتوا .... لم يموتوا في النار، والعياذ بالله، لأن هذا كلام عن أهل النار: لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها " .. لماذا لم يموتوا؟ .. لأن الله لم يقض بالموت.
إذن عدم قضاء الله بالموت تسبب عنه عدم موتهم. فالفاء هنا للسببية.
" ما تأتينا فنكرمَك " إكرامنا مترتب على إتيانك. يعني نحن لن نكرمك إلا إذا أتيتنا. إذن عدم مجيئك ترتب عليه عدم إكرامنا لك.
طبعا في القرآن الكريم جاء مثال لفاء السببية بعد النفي " لا يقضى عليهم فيموتوا " .. وجاء مثال بعد الاستفهام " فهل لنا من شفعاءَ فيشفعوا لنا " ننول بعد طلب. الطلب أمر ونهي واستفهام ودعاء وتمني وترجي. أي طلب ويأتي بعده فاء، تكون هذه الفاء السببية.
الخلاصة التي خرجتُ منها، أن الفاء هنا كما يقول الدكتور ليست للسببية، وكأنه يقول عاطفة، والله أعلم بالصواب.
هذا ما وجدته عسى أن يفيدكم، والباقي لجهابذة النحو هنا.