أما تنوين العوض عن كلمة محذوفة، فيكون بحذف المضاف إليه بعد كلمة " كل "، و " بعض ". نحو: فاز الطلاب فصافحت كلاً منهم مهنئا.
14 ـ ومنه قوله تعالى: {كل في فلك يسبحون} 1.
وقوله تعالى: {كل يعمل على شاكلته} 2.
فقد نونت كل في الأمثلة السابقة تنوين عوض لإضافتها إضافة معنوية، وذلك بعد حذف المضاف إليه، والتقدير: صافحت كل طالب.
" وكلهم " في الآية الأولى، و " كل إنسان " في الآية الثانية.
ومثال " بعض ": مررت ببعض قائما.
15 ـ ومنه قوله تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} 3.
ومنه قول المتنبي:
يصيب ببعضها أفواق بعض فلولا الكسر لاتصلت قضيبا
فـ " بعض " في الأمثلة السابقة جاءت منونة تنوين عوض لإضافتها المعنوية. فإذا انقطعت عن الإضافة اللفظية تنون، ويقدر بعدها ضمير يعرب مضافا إليه.
والتقدير: مررت ببعضهم. وكذا بقية الشواهد.
أما تنوين العوض عن الجملة المحذوفة، فهو ما جاء للتعويض عن الجملة المحذوفة بعد " إذ " المضافة، وتكون إضافتها بعد الكلمات الآتية: بعد، وحين، ويوم، وساعة، وقبل، وعند. نحو: خرج الطلاب وكنا قبل إذ خرجوا مجتمعين.
ــــــــــــــــــ
1 ـ 33 الأنبياء. 2 ـ 84 الإسراء.
3 ـ 253 البقرة.
فإذا حذفنا الجملة بعد " إذ " نونت " إذ " تنوين عوض بدلا من الجملة المحذوفة، فتصبح بعد الحذف
كالتالي: خرج الطلاب وكنا قبلئذٍ مجتمعين.
16 ـ ومنه قوله تعالى: {ويومئذ يفرح المؤمنون} 1.
وقوله تعالى: {وأنتم حينئذ تنظرون} 2.
ففي الأمثلة السابقة حذفت الجملة المضافة إلى " إذ "، وعوض عنها التنوين.
والتقدير: يوم إذ كان، وحين إذ كنتم.
ولكون ذال " إذ " ساكنة، والتنوين أيضا ساكن، حركنا " الذال " بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين.
رابعا ـ تنوين المقابلة:
هو التنوين اللاحق لجمع المؤنث السالم، ليكون في مقابلة النون في جمع المذكر السالم.
وقد عرفه الرضي بقوله: " إنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط، وهو كونه علامة لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك " 3.
نحو: هؤلاء طالباتٌ مجتهداتٌ.
ورأيت طائراتٍ محلقاتٍ.
ومررت بحافلاتٍ للحجاج.
فكلمة: طالبات، ومجتهدات، وطائرات، ومحلقات، وحافلات. كلمات جمعت جمع مؤنث سالما، ومفرداتها: طالبة، ومجتهدة، وطائرة، ومحلقة، وحافلة.
وهذه الأسماء المفردة قد لحقها التنوين دلالة على تمام حروفها، واسميتها، فعندما جمعت جمع مؤنث
ــــــــــــــــ
1 ـ 4 الروم. 2 ـ 84 الواقعة.
3 ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني.
سالما زيد فيها التنوين، وهذا التنوين مقابل للنون في جمع المذكر السالم. فكلمة: طالب، ومجتهد، وطائر ... إلخ. إذا جمعناها جمع مذكر سالما. نقول: طالبون، ومجتهدون، وطائرون. فلحقت هذه الجموع نون زائدة عوض عن التنوين المحذوف في حالة الإفراد، ليتم التعادل بين الجمعين، ومن هنا جاءت تسمية هذا النوع من التنوين بتنوين المقابلة.
ويرى بعض النحاة أن النون في جمع المذكر السالم، والتنوين في جمع المؤنث السالم لا سبب لوجودهما إلا نطق العرب، وكل تعليل سوى ذلك مرفوض، ويستدل صاحب الرأي على ذلك بقوله " لو صح أن النون في جمع المذكر السالم بدل التنوين في مفرده، لكان من الغريب وجودها في جمع المذكر السالم الذي لا تنوين في مفرده بسبب منعه من الصرف مثل: الأحمدون، والعمرون،
والزيدون، والأفضلون، وأشباهها فإن مفردها هو: أحمد، وعمر، ويزيد، وأفضل، لا يدخله التنوين لأنه ممنوع من الصرف.
وإلى جانب العلامات السابقة للدلالة على اسمية الكلمة، هناك علامات أخرى
لا تقل أهمية عن سابقتها في تمييز الاسم عن الفعل، أو الحرف، وهذه العلامات تنحصر في التالي:
1 ـ أن تكون الكلمة معرفة بالإضافة. نحو: قرأت قصص الصحابة.
17 ـ ومنه قوله تعالى: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء} 1.
وقوله تعالى: {تنزيل الكتاب من الله الغزيز الحكيم} 2.
فالكلمات: قصص، وفضل، وتنزيل. كل منها جاء مضافا لما بعده، والاسم الذي بعده مضاف إليه. وبمجيء الكلمة مضافة نحكم عليها بالاسمية.
¥