خامسا ـ لو: حرف مصدري لا يحتاج إلى جواب، وتدخل على الفعل الماضي، أو المضارع التام التصرف، ويفضل أن تسبق بالفعل " ود " ومشتقاته، وما في معناه كالأفعال: أحب، وأرغب، وآمل، وما شابهها في المعنى.
وتنسبك " لو " عندئذ مع فعلها ليتكون منهما المصدر المؤول الذي يسد مسد لو وفعلها. نحو: وددت لو فزت في المسابقة. وأرغب لو ترشح نفسك لقيادة الفريق. وأحب لو أنجزت العمل في حينه. وآمل لو حضرت مبكرا.
والتقدير: وددت فوزك، وودت ترشيح نفسك، واحب إنجازك العمل، وآمل حضورك مبكرا.
244 ـ ومنه قوله تعالى: {ودوا لو تكفرون} 4.
وقوله تعالى: {ودوا لو تدهنون} 5.
وقوله تعالى: {يود أحدهم لو يعمر} 6.
وقوله تعالى: {يود المجرم لو يفتدي} 7.
ــــــــــــــــ
1 ـ 33 طه. 2 ـ 33 ق.
3 ـ 7 الحشر. 4 ـ 89 النساء.
5 ـ 9 القلم. 6 ـ 96 البقرة. 7 ـ 11 المعارج.
سادسا ـ ما: مصدرية ظرفية تنسبك مع صلتها سواء أكانت فعلا ماضيا.
نحو: سأعاقبك ما دمت مقصرا.
أم اسما، نحو: أزورك ما الوقت مناسب.
245 ـ ومنه قوله تعالى: {ما دامت السموات والأرض} 1.
وقوله تعالى: {شهيدا ما دمت فيهم} 2.
وقوله تعالى: ر لن ندخلها أبدا ما داموا فيها} 3.
ومثال مجيء صلتها فعلا مضارعا،
قوله تعالى: {بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا} 4.
سابعا ـ همزة التسوية: حرف يقع بعد كلام مشتمل على لفظة " سواء " كما يلي الهمزة جملتان، وتكون ثاني الجملتين مصدرة بكلمة " أم " الخاصة بهمزة التسوية.
نحو قولهم: وسواء عليَّ غضبت أم رضيت.
246 ـ ومنه قوله تعالى: {سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين} 5.
وقوله تعالى: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} 6.
فالهمزة في الآيتين السابقتين، والمثال الذي سبقهما تنسبك مع الجملة التي بعدها مباشرة، ـ وهي صلة لها ـ وتكون مصدرا مؤولا تقديره في المثال الأول: غضبك، وفي الآية الأولى: وعظك، وفي الثانية: إنذارك.
ومن خلال الحديث عن الأحرف المصدرية والتمثيل لها، والاستشهاد عليها بالآيات القرآنية يمكننا الوصول إلى النتائج التالية: ـ
1 ـ إن تلك الحروف قد جمعت من أبواب متفرقة من النحو، ومنها ما يعمل في
ـــــــــــــــــ
1 ـ 108 هود. 2 ـ 120 المائدة.
3 ـ 27 المائدة. 4 ـ 151 آل عمران.
5 ـ 136 الشعراء. 6 ـ 6 البقرة.
الأسماء، ومنها ما يعمل في الأفعال، ومنها ما لا يعمل كـ " ما " و " لو "
المصدريتين، و " همزة " التسوية، وهي بذلك لا تقارب بينها إلا من حيث الحرفية، وانسباكها مع ما يجيء بعدها من الجمل، لتكون مصدرا مؤولا بالصريح، فمن الأولى أن تعمل هذا العمل وهي في أبوابها التي وضعت لها.
2 ـ إن تلك الحروف لو لم تنسبك مع ما بعدها من الكلام، لما كان لها دلالة معينة تفهم بذاتها كأسماء الموصول التي هي أسماء وضعت للدلالة على معين، بواسطة جملة الصلة التي تذكر بعد اسم الموصول، كما أنه لا بد من اشتمال تلك الجملة على عائد يربطها بالموصول.
3 ـ إن الغرض من دراسة قواعد اللغة العربية ليس فقط البحث العقيم الذي لا يؤدي في النهاية إلى نتائج إيجابية تعود على الدارس بالفائدة المرجوة، وتوصل إلى الحقائق العلمية التي يعتمد عليها في الدراسة والبحث، وتقعيد القواعد وتفصيلها حسب ما نريد ونهوى، والتي يكون الدارس في غنى عنها ما دام هناك من القواعد الواضحة والصريحة ما يوصل إلى الغرض المنشود، بل الغرض في حد ذاته هو تقنين القواعد الصحيحة التي لا يختلف حولها اثنان حتى يستقيم بها اللسان، وتنطق بها الألفاظ نطقا صحيحا تمشيا مع قواعد اللغة والمنطق والعقل.
¥