ما عدا " إمّأ " فقد عدها كثير من النحويين حرفا عاطفا شبيه في معانيه بـ " أو " فقال الزمخشري: " إن " أو "، و " إمّا " يقعان في الخبر، والأمر، والاستفهام.
نحو: جاءني زيد أو عمرو، وجاءني إما زيد وإما عمرو " (1).
وقال ابن جني في اللمع: " ومعنى " إمّا " كمعنى " أو " في الخبر (أي الشك)، والإباحة، والتخيير. نقول: قام إما زيد وغما عمرو، وكل إما تمرا وإما سمكا، إلا أنها أقعد في لفظ الشك من " أو " (2).
ونستخلص من القولين السابقين أن " إمّا " حرف من حروف العطف الشبيه بـ " أو "، ويأتي لعدد من المعاني:
1 ـ للإباحة، نحو: تعلن إمّا الحساب وإمّا الجبر. واحضر إلينا إما اليوم وإما غدا.
2 ـ للشك، نحو: وصل إما محمد وإما علي.
3 ـ للتخيير: كافئ إما عمرا وإما يوسف.
ومنه قوله تعالى: {إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى} 3.
ب ـ حروف الجواب: وهي حروف غير عاملة تأتي للتصديق والإيجاب، وتشمل: نعم، بلى، إي، أجل، جير، بجلل، جلل، إن، إذن، وللنفي: لا، وكلاّ. وهاكها مفصلة ورأي النحاة فيها.
1 ـ نعم: حرف جواب للتصديق في الاستفهام المثبت، لا محل له من الإعراب.
نحو: نعم، جوابا لمن سأل: هل حضر أخوك؟
ومنه قوله تعالى: {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم} 4.
53 ـ ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
فقالت نعم لا شك غير لونه سُرى الليل يحيي نصفه والتهجرُ
ـــــــــــــــــــ
1 ـ المفصل ص 304، وشرح المفصل لابن يعش ج 8، ص 97 وما بعدها.
2 ـ اللمع لبن جني ص182، ورصف المباني للمالقي ص183.
3 ـ 65 طه. 4 ـ 44 الأعراف.
وهي للوعد بعد الطلب أمرا، أو نهيا، أو استفهاما.
نحو: اضرب المسيء، الجواب: نعم أعدك.
ونحو: لا تقصر في عملك، الجواب: نعم أعدك.
ونحو: هل تضرب المسيء؟ الجواب: نعم أعدك.
وقصد من الإجابة بـ " نعم " في الحالات السابقة الإخبار بالفعل الحاصل، وهو الضرب، أو الإشارة إليه، ووعد السائل به.
وإذا وقعت " نعم " في أول الكلام كانت لإيجاب التوكيد. كقول جميل بن معمر:
نعم صدق الواشون أنت كريمة علىّ وإن لم تصف منك الخلائق
وقد أجمع النحوييون على أن " نعم " لا تأتي إلا جوابا للاستفهام الموجب (المثبت) كما بينا في الأمثلة السابقة، غير أن هنال من علل مجيئها جوابا للاستفهام المنفي، وأنها تقع موقع " بلى "، كما تقع " بلى " موقعها، واستدلوا على ذلك بقول جحدر:
أليس الليل يجمع أم عمرو وإيانا فذاك بنا تدانى
نعم وترى الهلال كما أراه ويعلوها النهار كما علانا
ولكن ذلك مردود بقوله تعالى: {ألست بربكم قالوا بلى} 1.
ألا ترى أنهم لو قالوا نعم لكان كفرا، لأنهم بذلك يصدقون النفي فيكفروا، بينما الجواب بـ " بلى " تنفيه وتوجب الجواب، فيكون الجواب على " نعم " لست ربنا، وعلى " بلى " بل أنت ربنا.
ومما سبق نقول: إن " نعم " لا تقع في موقع " بلى "، بينما العكس صحيح إذ إن " بلى " تقع في موقع " نعم ". و " نعم " في البيت السابق جواب لقول الشاعر: فذاك بنا تدانى، وعلى ذلك لم تكن " نعم " شاهدا على جواب الاستفهام المنفي وهو أليس الليل يجمع أم عمرو، لأن الجواب على ذلك " بلى " ولا خلاف في ذلك.
2 ـ بلى: حرف جواب للإيجاب يجاب به عن الاستفهام المنفي لفظا، أو معنى
ـــــــــــــ
1 ـ 172 الأعراف.
سواء اقترنت به أداة الاستفهام أم لا، ولا يستعمل غيرها.
146 ـ نحو قوله تعالى: {أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} 1.
وقوله تعالى: {أيحسب الإنسان ألّن نجمع عظامه بلى قادرين} 2.
ومثال الجواب بها على النفي العاري من الاستفهام: ما قام أخوك، الجواب: بلى.
ومعناه: قام أخي، فحلت " بلى " محل الجملة الواجبة جوابا للنفي.
3 ـ أجل: وتستعمل استعمال " نعم " إلا أن استعمالها مع غير الاستفهام أفضل، وغالبا ما تكون تصديقا للخبر، وكذلك " جير " فهي بمعنى " أجل "، و " ونعم "، ولكن جير أكثر ما تستعمل مع القسم.
مثال الأول: قد نجح أخوك. الجواب: أجل هو كذلك.
ومثال الثاني: جير والله لأقولن الصدق. بمعنى: نعم والله لأقولن الصدق.
وإذا استعملت " أجل " بعد كلام منفي أفادت معنى النفي.
¥