الشاهد قوله: وكأن قدِ، فكسر حرف الدال من كلمة قد، لأنه ساكن في الأصل، وحرك بالكسر لمجيء الساكن بعده.
ومنه قولهم: قدِ احمرَّ البلح.
وعليه نقول في التذكر: قدي، في قد قام.
* أما إذا كانت حركة الحرف الأخير من الكلمة، أو الحرف الذي يتذكر فيه المتكلم مما يكون مفتوحا في حالة، ومكسورا في حالة أخرى بحسب مقتضى الكلام، كحرف الجر " من "، نقول: منَّا، في حالة مجيئها مفتوحة، في مثل قولك:
غضبت منَ الرجل.
ونقول " منِّي " في حالة مجيئها مكسرة في مثل قولنا: غضبت منِ ابنك.
وما ذكرناه آنفا ينطبق على كل ساكن وقفت عليه، وتذكرت بعده كلاما فأنه يلزم فيه الكسر، مع إشباع الكسرة للاستطالة، والتذكر، إن كان مما يكسر، إذا تلاه ساكن، أما إذا كان الحرف الساكن مما يكون مضموما، ووقفت عليه متذكرا، ألحقته واوا. كقولك: " مذو "، في: ما رأيتك مذ اليوم.
فـ " مذ " إذا جاء ساكن بعدها ضمت، لأن الأصل في " منذ " الضم.
حروف الزيادة: إنْ، أنْ، ما، لا، من، والباء.
وهي حروف تزاد في وسط الكلام، وتكون زيادتها للتأكيد ليس غير. فدخولها في الكلام كخروجها، إذ إنها لا تحدث معنى إعرابيا، وقد تسمى بعض النحاة هذه الحروف بحروف الزيادة، وسماها البعض بحروف الصلة، أو الحشو.
أولا ـ " إن " المكسورة الهمزة، الساكنة النون، تكون زيادتها غالبا بعد " ما " النافية، وتكون هذه الزيادة على نوعين: ـ
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة مؤكدة. نحو: ما إن رأيته. والمقصود: ما رأيته.
فـ " إن " في الكلام السابق زائدة، لم يكن لوجودها في الكلام أي أثر إعرابي.
ومنه قول دريد بن الصمة:
" ما إن رأيت ولا دريت به "
الشاهد قوله: " ما إن " فزاد " إن " بعد " ما "، وتقدير المعنى: ما رأيت.
86 ـ ومنه قول الكميث:
فما إن طبنا جبن ولكن منايانا ودولة آخرين
1 ـ نوع تكون فيه " إن " زائدة كافة، وهذا النوع لا اختلاف فيه عن النوع السابق، وإنما يحدده نوع " ما " النافية التي تسبق " إن " الزائدة.
نحو: ما إن محمد قائم.
فـ " ما " النافية إما أن تكون حجازية، أو تميمية. فإذا كانت حجازية فهي نافية عاملة، و " إن " بعدها زائدة كافة لها عن العمل، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبر، مثلها مثل " ما " الكافة لـ " إنَّ " الثقيلة عن العمل.
178 ـ نحو قوله تعالى: " إنما المؤمنون إخوة} 1.
وإذا كانت " ما " تميمية فهي نافية لا عمل لها، وتمون " إن " بعدها زائدة مؤكدة للنفي كما في النوع الأول، ونحو: ما إن رأيت.
* وزاد " إن " المؤكدة مع " ما " المصدرية، فيكونان معا بمعنى " الحين والزمان ".
نحو: انتظرنا ما إن جلس القاضي. والمعنى: زمان جلوسه.
179 ـ ومنه قوله تعالى: {وكنت عليهم شهيدا ما دمت حيا} 2.
والمعنى: مدة دوامك، أو زمن دوامك حيا.
حيث انسبكت " ما " مع الفعل مكونة مصدرا مؤولا يستعمل بمعنى الحين، ويكون الظرف هو الاسم المحذوف الذي أقيم المصدر مقامه.
فإذا قلنا: سأجلس ما دمت جالسا. يكون التقدير: سأجلس مدة جلوسك.
فحذفنا الظرف، وهو كلمة " مدة "، أو " وقت " وجعلنا المصدر مكانها.
87 ـ ومنه قول معلوط القريعي:
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرا ما يزال يزيد
والمعنى: رج الخير له إذا رأيته يزداد على السن والكبر خيرا.
ثانيا ـ " أن " المفتوحة الهمزة الساكنة النون:
تزاد " أن " بعد " ما ". نحو: لما أن جاء المعلم قمنا إجلالا له.
180 ـ ومنه قوله تعالى: {ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم} 3.
فـ " أن " في الآية زائدة للتوكيد، ويدلنا على ذلك قوله تعالى في سورة هود:
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 10 الحجرات. 2 ـ 117 المائدة.
3 ـ 33 العنكبوت.
" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم} 1. فلا اختلاف في المعنى بين الآيتين.
كما تزاد " أن " في القسم. نحو: أما والله أن لو فعلت لفعلت.
ثالثا ـ " ما " الزائدة: تزاد " ما " على ضربين: ـ
1 ـ زائدة كافة سواء أكان ذلك للاسم، أم للفعل، أم للحرف.
مثال زيادتها وكفها للاسم: حضرتُ بعدما أنتم قيام.
ونحو: بينما نحن نستمع لشرح المعلم قرع الجرس.
88 ـ ومنه قول كثير عزة:
¥