تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفاتنة]

ـ[الأحمدي]ــــــــ[23 - 06 - 2006, 12:14 ص]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بالأمس، و الشمس منهكة من معركة الهجير و ضرب سياط الحر على ظهور العباد،

و قد ركنت إلى مخدعها شيئا قليلا و تسللت ذوائب الشفق تنتظر من الليل

النداء، لمحت تلك الفاتنة بأكاليلها البيض و ثوبها الأخضر، كأنها أبواق

من غيوم رفعها عبيد خضر للسماء

أأعرفها؟ نعم .. لا شك، عاشرتها على صفحات الكتب طويلا، مازلت محتفظا

بالكتاب الذي يحتوي صورتها متثنية كأنها ملكة إغراء .. هي أنثى، لا بد أنها

أنثى، و إن لم تكن من بني البشر.

طالما قرأت عما تفعل بعشّاقها، و كيف تقتلهم بلا رحمة، رويدا كأنها تستلذ

بعذابهم ... تماما كغواني البشر، فكيف لا تكون أنثى؟

وقفت أمامها برهة أنظر كأني أتأمل وجه صديق قديم، أيقظتني من الغفلة لما

داعبتها الريح فاهتزت غنجا ... آنستي، هل لي أن أقطف زهرة؟ لم أنتظر

جوابها و مددت يدي مندفعا، نازعتني في دلال ثم استسلمت و استلقت تلك

الزهرة على يدي تستعد لنوم أبدي

بيضاء كأنها قطعة ثلج تسبح في كأس أخضر، و الكأس يكاد يلتهم أسفلها في

جزع من يخشى عليها من السقوط

نزعت عنها إزارها الأخضر أراقب بياضها يزداد نصوعا، و نظرت من الأعلى إلى

جوفها فوجدت آثار زعفران زينتها قد صبغتها بصفرة تكاد لا تبين، و قد

انطلق من أعماقها شعرها الأشقر يحمل حبوب اللقاح.

عدت أتأمل القوام السندسي الذي كانت تتربع على عرشه هذه الغادة البيضاء،

التهم ببطء شديد تضاريسه خائفا مما أعلم أني سألقاه عند أقدامها.

تفاحة الشوك ... هكذا يسمونها، مع أنها لا تربو في عيني عن كرة بلهاء من

الشوك الأخضر، حبستها سمنتها عن الصعود للأعلى فأطرقت إلى الأرض في يأس.

بقرت بطن التفاحة بلا هوادة لأرى بذورها تنتثر متنكرة بزي حبات

الفلفل ... شوك و فلفل ... كأنها تود سرا تحذير عشاقها من شرها، لكن الحب

أعمى.

أتعلمون من هي؟ هي نبتة الداتورا، عشبة جمسن، تفاحة البيرو، تفاحة

الشيطان بل بوق الشيطان، كل هذه أسماؤها.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير