تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حول علم الجرح والتعديل]

ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 07 - 2006, 12:49 ص]ـ

بسم الله

السلام عليكم

فقد كانت بداية هذا العلم الجليل كما ذكر العلماء، كابن عدي، رحمه الله، المتوفى سنة 365 هـ، صاحب "الكامل في الضعفاء"، منذ عهد الصحابة، رضوان الله عليهم، ومن أبرز من تكلم منهم في الرواة، ابن عباس، رضي الله عنهما، وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك، رضي الله عنهما، مع ملاحظة، أن طبقة الصحابة، رضي الله عنهم، بأكملها لا يحتاج الباحث إلى النظر في أحوال رجالها لأنهم كلهم عدول، بنص القرآن، فالعصمة ثابتة لمجموعهم دون أفرادهم، وإن خالف المازري، رحمه الله، في شرح "البرهان" لإمام الحرمين الجويني، حيث قصر العدالة المطلقة على الصحابة الذين لازموا الرسول صلى الله عليه وسلم، دون من رأوه دون ملازمة فيلزم، على كلامه، البحث في أحوالهم، وقد تابعه على ذلك القرافي، رحمه الله، وهو رأي مرجوح كما تقدم، ولذا فإن كلام هؤلاء إما:

· أن يكون فيمن دون الصحابة ممن عاصرهم من التابعين.

· وإما أن يكون هذا الكلام محمولا على ما أخطأ فيه بعضهم، كما في قول عائشة رضي الله عنها: إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذبين ولكن السمع يخطئ، وقولها لما بلغها حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، أو كما قال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله أبا عبد الرحمن، تعني ابن عمر، سمع شيئا فلم يحفظه ....... )، وإنما ظنت أنه غلط لاعتقادها أن ما أخبر به مخالف لقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، مع أن الراجح هو قول ابن عمر، وقد وجه العلماء هذا الحديث من عدة وجوه أرجحها: أنه يعذب إذا أوصى بهذا البكاء، أو علم من حال أهله أو بلده أنه سيقع فلم يوص بمنعه، أو أنه يعذب بمعنى أنه يصيبه الألم بما يقع من أهله من النياحة، وهذا اختيار الطبري، رحمه الله، من المتقدمين، ورجحه ابن المرابط والقاضي عياض وشيخ الإسلام، رحمهم الله، من المتأخرين، وللمسألة بسط لا يتسع المجال لذكره.

وتلا ذلك طبقة من أئمة التابعين، تكلموا في أحوال الرجال، كالشعبي، رحمه الله، المتوفى سنة 104 هـ، ومحمد بن سيرين، رحمه الله، المتوفى سنة 110 هـ، وهو من أوائل من وصلنا كلامهم في الرجال، ونلاحظ أن الغالب على رواة القرن الأول، العدالة، فلا يكاد يوجد فيهم ضعيف إلا القليل النادر، وتلا محمدا تلميذاه عبد الله بن عون وأيوب السختياني، وهما بصريان، وعنهما أخذ شعبة بن الحجاج، إمام الجرح والتعديل في زمانه، وهو أيضا بصري، وعنه أخذ يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وهما أيضا بصريان، وعن طبقتهما أخذ إمام الجرح والتعديل الأول الإمام "يحيى بن معين"، الذي تبلور هذا العلم على يده، فقد بلغ، رحمه الله، في هذا العلم مبلغا، جعل تلميذه الدورقي يقول عنه: "كل راو سكت عنه يحيى بن معين فهو ثقة". وكان له، نوادر في امتحان الرواة، كما فعل مع أبي نعيم الفضل بن دكين، وتتبع الأحاديث الموضوعة بل وحفظها، كما فعل مع صحيفة أبان بن أبي عياش، وإن اختلفت آراؤه وعباراته في بعض الرجال كما تختلف آراء الفقيه النحرير وعبارته في بعض المسائل التي لا تكاد تخلص من إشكال، كما أشار إلى ذلك الشيخ محمد أبو زهو، في "الحديث والمحثون".

ولكننا نلاحظ، أنه حتى الآن، لم يتعد هذا العلم مرحلة الرواية الشفوية، فتلا ذلك ظهور المصنفات في هذا العلم، على هيئة كتب "السؤالات"، وهي عبارة عن جمع لأسئلة يوجهها طالب من الطلاب لشيخه عن مجموعة من الرواة، فيجيبه الشيخ بما يراه، ومن أبرز هذه الكتب:

· "سؤالات الدوري ليحيى بن معين".

· و"سؤالات عبد الله بن أحمد لأبيه"، وهي كتب لم تكن مرتبة وفق منهج معين، اللهم إلا شبهة ترتيب في سؤالات الدوري ليحيى بن معين على بلدان الرواة ورغم ذلك لم تكن بتلك الدقة المعتبرة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير