تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رأي في شيخ الإسلام رحمه الله]

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 07 - 2006, 02:00 م]ـ

بسم الله

السلام عليكم

خطر لي موقف أحد شيوخ هذا العصر ممن انتسب للمدرسة الأشعرية الصوفية المعاصرة، من شيخ الإسلام، رحمه الله، إذ تبنى تكفير شيخ الإسلام، وقالها صراحة دون تقية، وكان هذا موقفا واضحا من شيخ الإسلام، وإن شابه ما شابه من التعدي والتعصب، وما لفت نظري أن الشيخ، اعتمد على ركيزتين أساسيتين:

الركيزة الأولى: مسألة قدم العالم، ونقد شيخ الإسلام، رحمه الله، لها، وهي مسألة علمية دقيقة، لم تخطر ببال أغلب المسلمين أصلا، لأنها ليست من مهمات الدين، فلو مات المسلم على عقيدة فطرية صحيحة، فإن الله لن يسأله يوم القيامة: ما قولك في مسألة قدم العالم ومع أي الفريقين أنت؟، أمن القائلين بقدم العالم أم أنك تعتبر العالم حادثا بعد أن لم يكن؟، إن هذه المسألة التي أقحمها المتكلمون في أصول الدين إقحاما، لخصها القرآن الكريم في كلمة واحدة، وهو اسم الله عز وجل: "الأول"، وقد ذكر في موضع واحد في كتاب الله في قوله تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وهي آية جامعة لإحاطات الله، عز وجل، فـ "الأول": اسم من أسماء الله الحسنى، المتضمن معنى الأولية المطلقة، فالله، عز وجل، كان ولم يكن شيء معه، وهو اسم لا يذكر إلا مقترنا بمقابله "الآخر": فآخريته مطلقة، فهو الباقي بعد فناء العالم، و له الحياة الكاملة، التي لا يتخللها نقص من غفلة أو تعب أو نوم أو موت، لا يستمد حياته من شيء، وإنما تستمد المخلوقات حياتها منه فهي مفتقرة إليه في كل لحظة، فلا كمال مطلق إلا لله، عز وجل، ولا عصمة لأحد من البشر إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهم الذين اصطفاهم الله، عز وجل، للرقي في معراج الكمال البشري، وهو مع ذلك: "الظاهر" الذي فوقيته وعلوه فوق كل شيء، و"الباطن" المحيط بكل شيء بحيث يكون أقرب إليه من نفسه، فشملت الآية: إحاطة الله الزمانية والمكانية، كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن القيم، رحمه الله، ووضحت عقيدة المسلم الفطرية في هذه المسألة في أربع كلمات فقط، دون سفسطة أو تكلف أو تقعر في الكلام، فأي إعجاز وإيجاز هذا؟.

ولكن القوم أبوا إلا أن يتقعروا ويحدثوا في دين الله، عز وجل، ما لم يشرعه، فنقلوا من فلاسفة اليونان طلاسم لا يعيها أكثر المسلمين، وزادوا عليها، وبسطوا القول في شرحها، فطال الطريق عليهم وعلى عامة المسلمين، وكأن الله، عز وجل، أنزل دينا لا تعيه إلا عقول الفلاسفة والمتكلمين؟، بل إن عقول كثير منهم عجزت عن إدراك هذه المعاني الدقيقة، فها هو "الغزالي"، رحمه الله، يعود بعد رحلة شاقة إلى مذهب السلف أصحاب الحديث، وعنه يقول الذهبي رحمه الله: "ولولا أن أبا حامد من كبار الأذكياء، وخيار المخلصين، لتلف"، وحمدا لله أن عاد أبو حامد من رحلته الطويلة سالما.

وفخر الدين الرازي، رحمه الله، يسلم بعقم طريقة الخلف ويعترف بإهدار ساعات العمر في جمع "قيل وقال" إذ يقول منشدا:

نهاية إقدام العقول عقال ******* وأكثر سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا ******* وغاية دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ******* سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

ويواصل، رحمه الله، فيقول:

"لقد تأملت الطرق الكلامية، والمناهج الفلسفية، فما رأيتها تشفي عليلا، ولا تروي غليلا، ووجدت أقرب الطرق طريقة القرآن، أقرأ في الإثبات: (الرحمن على العرش استوى)، وقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب)، وأقرأ في النفي: (ليس كمثله شيء)، وقوله: (ولا يحيطون به علما)، ومن جرب مثل تجربتي، عرف مثل معرفتي"، وصدق الفخر الرازي، رحمه الله، لقد كانت رحلة مثيرة، استغرقت العمر بأكمله، فما بال أقوام يصرون على خوض نفس الرحلة وقد كفاهم الرازي مؤونة خوضها؟!!!

، وأبو المعالي، رحمه الله، يتمنى الموت على عقيدة عجائز نيسابور، مع أنه عاش العمر كله خائضا فيما لم يخض فيه سلف الأمة فرارا من التقليد.

والشهرستاني، رحمه الله، ينشد:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها ******* وسرت في طرفي بين تلك المعالم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير