[السؤال مع الجواب: والصواب في قوة الدليل والقناعات القائمة على أسس صحيحة.]
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 08 - 2006, 12:18 م]ـ
السؤال:
متى يحتمل أن يستتبع زواج الأقارب أضراراً من الناحية الصحية؟
الجواب (1):
قبل زهاء قرن اكتشف "مندل" قانون التوارث بعد ثمانية أعوام من البحث والتحقيق، وفيما يلي نقدم شرحاً مختصراً وبلغة بسيطة لهذا القانون:
لو اخترنا فأرة بيضاء وأخرى رمادية اللون وجعلناهما يتزوجان، فسيكون أطفالهما ذوي ألوان رمادية بلا شك، وعند تزويج هذه الفئران الرمادية مع بعضها البعض ستولد فئران رمادية وأخرى بيضاء. اللون الأبيض والرمادي يطلق عليه اصطلاحاً "الصفة". وكما قلنا سابقاً فان الجيل الأول من الفئران يحمل جميعه اللون الرمادي؛ أي ظهرت إحدى صفات الأبوين واختفت الأخرى ويطلق على الصفة الظاهرة (اللون الرمادي) اصطلاح "البارزة" أو" الغالبة" أما الصفة المستترة (اللون الأبيض) فيطلق عليها "المضمرة" أو "المغلوبة".
إن العنصر المنتج للصفة (اللون الرمادي أو الأبيض) في المثال المذكور يسمى "الجين"، وينتقل من الوالدين الى الأبناء بواسطة الخلايا التناسلية.
كلما كانت الخلايا التناسلية الموجدة لحيوانٍ ما مستوية من ناحية الجينات المنتجة لتلك الصفة أطلق على ذلك الحيوان حيوان خالص من حيث الصفة أو "هموزيجوت". ومن المسلم به أن هكذا موجود سينتج خلايا تناسلية متشابهة من حيث ايجاد هذه الصفة، وبالتالي فان زواج فردين خالصين يؤدي دائماً الى انتاج أبناء يماثلون والديهم تماماً من ناحية الصفة.
وكلما كانت الخلايا التناسلية الموجدة لحيوانٍ ما غير مستوية من ناحية الجينات المنتجة لتلك الصفة يسمى ذلك الحيوان هجيناً أو "هتروزيجوت". في المثال المذكور كانت الفئران الرمادية اللون المولودة في الجيل الأول حيوانات هجينة؛ لأن لكل منهما جيناً منتجاً ذا لون رمادي وآخر ذا لون أبيض، ولا شك ولا ريب أن خلاياهما التناسلية أيضاً لم تكن متساوية، بل تحتوي 50% منها على جين منتج ذي لون رمادي و50% أخرى تحتوي على جين منتج ذي لون أبيض. بدهي أن زواج فردين هجينين لا ينتج دائماً أبناء يشبهون آباءهم من ناحية الصفة؛ ففي المثال المذكور كانت بعض الفئران من الجيل الثاني ذات لون أبيض وبعضها الآخر ذات لون رمادي.
بعد هذه المقدمة التي ذكرت بغية تعريف القراء الكرام بمقدمات علم الوراثة، نتطرق الآن بشكل إجمالي الى أصل الموضوع وهو زواج الأقارب من الناحية الطبية والصحية:
اليوم ثبت علمياً أنه متى ما وجد مرض وراثي في عائلةٍ ما فان زواج الأقارب في هذه العائلة لا يخلو من المخاطر؛ لأن احتمال ظهور هذا المرض الوراثي في الأبناء المولودين من زواج الأقارب أكثر بكثير منه في زواج غير الأقارب، وفيما يلي توضيحاً أكثر في هذا المجال:
اذا تزوج شخصان مبتليان بمرض وراثي غالب سيكون لجميع الأبناء جينات غير طبيعية؛ وبعبارة أخرى: سيكونون "هموزيجوت". وسيكون مرض الأبناء المصابين أشد من أبويهم الى درجة أن بعض موارد الهموزيجوت سيموتون قبل الولادة أو بعدها بمدة وجيزة.
واذا لم يكن أحد الأبوين يحمل الجين المنتج لهذا المرض الوراثي لا يبتلى جميع الأبناء بهذا المرض ولن يكون مرضهم أشد من أبويهم.
وفيما يتعلق بالمرض الوراثي المغلوب، اذا كان كلا الوالدين " هتروزيجوت" سيبتلى ربع الأطفال بالمرض، بينما لو لم يكن أحد الأبوين يحمل جين المرض لما ابتلي أي من الأبناء به. طبعاً في الشق الثاني مع أن نصف الأبناء سيكونون "هتروزيجوت"، لكن بما أن المرض الوراثي مغلوب لا يستطيع المرض الظهور في ال"هتروزيجوت".
ومع أخذ ما ورد آنفاً بنظر الاعتبار ينصح بتجنب الزواج من الأقارب قدر الامكان؛ لكن ينبغي الالتفات الى أنه لو لم يكن كلا الزوجين مصابين بمرض وراثي سوف لن يكون لمثل الزواج المذكور أدنى خطر عليهما. بناء على هذا، لا صحة لما يظنه البعض من أن الزواج العائلي مضر دائماً، بل يكون مضراً في حالة وجود مرض وراثي فقط. لكن من الأفضل تجنب مثل هذا الزواج في الموارد المشكوكة رعاية للاحتياط، وربما لهذا السبب نهت الروايات الاسلامية عن زواج ابن العم وبنت العم إلا في موارد استثنائية.
(1). هذا الجواب للدکتور فريدون زنغنة.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[14 - 08 - 2006, 12:28 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[14 - 08 - 2006, 12:31 م]ـ
جزيت خيرا، أخي نائل