[كنت معهم]
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[07 - 06 - 2006, 02:17 ص]ـ
بيت من الشعر كنا نعرفه ونعرف قائله (ولكنني نسيت قائله الآن) هذا البيت كان أطروفة من الطرائف والمواقف، حيث كان صاحبي يبحث فقط عن الكتاب الذي جاء فيه هذا البيت أي يريد أن يحقق البيت في أي كتاب لا أكثر من ذلك، وفي ذات يوم أخبرني أن أذهب معه للبحث في مكتبة من المكتبات، كنت أظن أنني وهو فقط سنذهب للبحث ولكني فوجئت بأنه قد قال لأشخاص ستة فاستغربت على هذا العدد الكبير، ستة من الأفراد من أجل البحث عن توثيق بيت واحد، وجميعنا كان لديه نفس الاستغراب فقال صاحبي: خفت أن يكون لدى أحدكم شغل شاغل أو تحدُث معه ظروف ما تمنعه فيتأخر فأخبرت الآخرين ولكنكم جئتم جميعكم ولا أستطيع أن أختار بينكم.
فاتفقنا على أن نذهب جميعاً للبحث عن أي كتاب يتواجد فيه هذا البيت الشعري، ولكن ستة العدد كثير فعلاً! وكان البيت هو:
أقمت بأرض مصر فلا ورائي ... تخب بي الركاب ولا أمامي
وذهبنا إلى أمين المكتبة وقد أبى أن ندخل جميعاً بعدما عرف أننا جئنا من أجل هدف واحد، ولكننا لو لم نعلمه لدخلنا جميعاً ولكن التزمنا معه الصدق، فأدخلنا إلى المكتبة بعد حديث كاد أن يكون طويلاً، وكأنه قد خاف من هجومنا على الكتب، وبعد اختيارنا للقسم الذي سنبحث فيه وقد أخذ كل منا يقلب في كتاب، ثم يتركه ويعود إلى غيره من الكتب، وكان باحث لا نعرفه يجلس بالقريب منا يبحث بمفرده لا أحد معه فاستغرب وظن أننا شركاء في بحث واحد، مع اعتقاده الشديد بأن ذلك لا يمكن أن يحدث، ومع استغرابه لهذا الكم فظن أن القليل منا هم الشركاء في البحث مع شكه في لك أيضاً، وكان يريد أن يتحدث معنا من كثرة متابعته لنا بنظره، فتحدث مع واحد منا.
قال: عم تبحثون؟
.. : عن بيت من الشعر نريد توثيقه.
قال: كلكم من أجل واحد، أم بحث مشترك.
.. : كلنا من أجل واحد.
قال: ما البيت؟ (قالها متعجباً لكثرتنا)
.. : أقمت بأرض مصر فلا ورائي ... تخب بي الركاب ولا أمامي
قال: في الصبح.
و (في الصبح) تعني لدينا أي: غداً في الصبح الباكر، وهذا ما فهمه المتحدث معه حيث رد عليه قائلاً:
.. : يا أخي أي صبح، نحن جئنا وقد قطعنا المسافات وأنت تقول في الصبح.
ولكن لم يكن هذا هو قصد الرجل إنما كان يقصد (صبح الأعشى) ولكنه لم يوضح ما قصد إلا بعد أن وجد من الطريف أن يستمر في حديثه واختباره لنا كي يعرف هل سنفهم مقصده أم لا؟ ثم استأنف حديثه
فقال: في الصبح ستجده.
فظن الذي كان يتحدث معه أنه يجب علينا أن نصبر حتى لو تنفس الصبح طلوعاً بحثاً عنه.
.. : بإذن الله سنصبر حتى نجده.
قال: في الصبح يا أخي، في الصبح.
فقال أحدنا وقد كان أمامه كتاب (صبح الأعشى) ولكنه لم يقلب أوراقه بعد، وقد فطن على المغزى: أتقصد في (صبح الأعشى).
قال: نعم في الـ (صبح الأعشى).
هذا عن موقف من مواقف البحث.
ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[07 - 06 - 2006, 02:19 ص]ـ
ومن مواقف المدرسة:
أنه لدينا أستاذ يسمى (العربي) اسمه هكذا لا لقبه، فإنه ولد في بلدة أجنبية ولكن عادت أسرته إلى موطنها وكانوا في غربتهم يحبون كلمة (عرب) أو (عربي) فأطلقوا عليه هذا الاسم حتى يكرروها يومياً أكثر من مرة، حكى هو ذلك كثيراً، فكان أحدنا يقول له:
.. : كم كانوا يكررونك يومياً؟
ومع أنه في العربية لا منافس له إلا أنه أعجبته جملة (الخطأ الشائع صواب)
فكان دائماً ينهي أي مسألة تعرض عليه بقوله (الخطأ الشائع صواب).
وفي ذات يوم أخبرناه بأن زميل لنا أخطأ خطأًَ شديداً حيث أنه نصب الفاعل.
فقال العربي: وهل عرف أحد؟
.. : بالطبع، وهل تريدنا نحن أن نسكت؟ جميع المدرسين يعلمون.
العربي: ومن أيضاً؟ هل علم الموجه والمشرف والمدير وعامل المدرسة.
.. : بالطبع فأنت تعلم أننا نتصيد الخطأ ونذيعه وننشره،ولكن ما دخل عامل
المدرسة في هذا الموضوع.
العربي: إن علِم عامل المدرسة فسيكون الأمر سهلاً.
.. : لا عليك سنخبر عامل المدرسة وثم ننظر في وجهة نظرك.
وقد أصر الأستاذ (العربي) أن نخبر عامل المدرسة، وبالفعل أخبرنا العامل الذي ضحك وقال: أنتم وشأنكم. (قالها بلغة محلية عامية).
ثم عدنا إلى الأستاذ (العربي) وأخبرناه بأن عامل المدرسة عنده علم بما حدث من نصب الفاعل.
قال العربي: إذن لا مشكلة، فنصب الفاعل قد شاع حيث علم به المتعلم والجاهل، علم به المعلم والمدير والموجه والعامل، فبذلك شاع نصب الفاعل و (الخطأ الشائع صواب).
من يومها إذا أردنا أن نجعل خطأً ما صواباً كنا ننشره ونجعل الجميع على علم به ثم نعود لأستاذنا العربي فبدوره يقول: الخطأ الشائع صواب.
وهذه تحية إلى أستاذي (العربي) متعه الله بالصحة وعافاه الله، حيث كان قد أخطأ المرور من أمام سيارة فأصيب وجميع من بالمدرسة قد علِم خطأه وشاع أمره، فإليه (الخطأ الشائع صواب).
وأدعوه للمشاركة في شبكة الفصيح.
¥