تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مدخل إلى الأسماء، الاسم في اللغة الاسم في الإسلام:]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[20 - 08 - 2006, 07:18 م]ـ

مدخل الى الاسماء ?

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقدمة الكتاب المدخل: إنَّ وحدة الأسماء في جذورها اللغوية والتاريخية من العوامل المهمة في وحدة المجتمع ووحدة الأمة الثقافية، وهذا ما دفعني لهذه المحاولة المتواضعة إسهاماً مني في العودة إلى جذور تراثنا وأصالة لغتنا الجميلة، محاولاً أن أعطي الاسم كلَّ معانيه التي تخصُّ الإنسان أو الحيوان أو الشيء، ليُلمَّ القارئ بمعاني اسمه غير منتقصة، وأقول محاولاً لأمرين: أولهما إنَّ أية لغة هي عبارة عن بحر واسع مترامي الأطراف بعيد الأغوار، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً باللغة العربية التي تمتد جذورها إلى أعمق أعماق التاريخ، وتنفرد بمزايا لا تعرفها لغة أخرى، خصوصاً ما تمتلكه من غزارة في المعاني والمفردات والقِدم، ومن تطور في قواعدها، طبعها منذ ما يسمّى بالعصور الجاهلية بطابع الغنى والتنوع والقدرة على التعبير والإبداع. والأمر الثاني الذي انعكس على محاولتي هو إمكانياتي المتواضعة في رحاب اللغة العربية، خاصة وأنَّ مجال تخصصي هو الطب، لكن شغفي بهذا الموضوع دفعني منذ ثلاثة أعوام لأن أملك الجرأة وأنغمس في خضم هذا العالم، ولم يمضِ الكثير من الوقت حتى وجدت نفسي في ورطة كبيرة وأنَّ الموضوع أضخم مما قدَّرت، فأصبحت أمام احتمالين: إمَّا الانسحاب والتراجع عمَّا بدأت، وإمَّا التحدي والاستمرار، وبعد فترة وجيزة من الحيرة وجدتني ميالاً لقبول الاحتمال الثاني، فوطّنت نفسي وتوكلت على الله. وخلال العامين المنصرمين كان عملي في هذا الكتاب يلتهم كلّ وقتي وله الأولوية على كلِّ ما عداه من مسؤوليات، ولا أخفي سراً إذا قلت بأنني قد قصّرت كثيراً مع نفسي وأسرتي وعلاقاتي الاجتماعية واليومية في سبيل أن يبصر النور. منذ طفولتي وأنا أهتمُّ بموضوع الأسماء، ولديّ فضول دائم لمعرفة ما يحمله أي اسم من معانٍ، وترعرع هذا الفضول بداخلي مع السنين والأيام، وسيف الزمن يمضي بلا هوادة، ودرست الطب وتخصصت في جراحة المسالك البولية وأمارس عملي منذ عشر سنوات في هذا المجال، وبقي موضوع الأسماء ومعانيها يدغدغ مشاعري، لكن الرؤية اختلفت عن تلك النظرة الفضولية لذاك الفتى العامليّ، الذي أُعجب بجمالية الاسم وبلغته العربية، فالموضوع أخذ أبعاداً أخرى تتمحور في بُعدين أساسيين: البُعد الإنساني والبُعد الوطني. البعد الإنساني: يتعلّق باختيار الاسم بحدِّ ذاته وما يؤثره على الإنسان سلباً أو إيجاباً، إذ من الثابت في علم الاجتماع والتربية والنفس، أنَّ للاسم في حياة الفرد تأثيرات كبيرة في شخصيته وتكوينه وتطوره وتفاعله مع ذاته ومع مجتمعه، لذلك ينصح أهل العلم والاختصاص بضرورة انتقاء الأسماء باهتمام ومحبة، لأنَّ الأسماء المثيرة للسخرية أو غير المألوفة دلالة أو لفظاً مؤذية لأصحابها ولها تأثيرات نفسية سيئة عليهم، وتطبع حياتهم بطابع العزلة وعقد النقص، وأحياناً تتظاهر بعدوانية تجاه الذات أو الأهل أو تجاه المجتمع عموماً، وكثيراً ما تسببت بعض الأفكار الخرافية عند بعض الأهل بتحويل أبنائهم روَّاداً دائمين للعيادات النفسية، أو بوقوفهم متخاصمين أمام المحاكم المختصة بسبب الأسماء المبتذلة التي أطلقوها عليهم، قال الشاعر العربي * (1): لعَمْرُك ما الأسماءُ إلاَّ علامةٌ منارٌ ومِنْ خيرِ المنار ارتفاعُها البُعد الوطني: كلّ منا يرى أنَّ التغريب يستهدف أمتنا في كافة المجالات، وامتدّ إلى أسماء أبنائنا وأسماء مصانعنا ومنتجاتنا وحتى تسريحة شعرنا، وكأننا أمة بلا هوية وبلا تاريخ، نسير خبط عشواء في هذا العالم، وهذه الظاهرة المرضية تعبر عن زاوية مظلمة في الذهنية العربية تجد في التقليد الأعمى للغرب حلاً لمشاكلنا، وتنتج هذه الرؤية عن عقد النقص والانهزام أمام كل ما هو أجنبي، فهذا الأمر يستنفر كلّ الغيارى لأن يساهم كلّ بطريقته في مواجهة هذا الغزو المستمر منذ قدم التاريخ على منطقتنا وعلى إنساننا الذي يخفت أحياناً ويثور أحياناً أخرى، والغزو الثقافي الذي تتعرض له الأمة حالياً هو الأخطر ويعبِّر عن نفسه بأشكال مختلفة، لأنَّ الثقافة والتحدي الثقافي بالنسبة لأي شعب هو خط الدفاع الأول وهو الحصن الأخير له. قد يتساءل بعضهم ويشير إلى أنَّ في الأمر مبالغة، وأنَّ التسمية بأسماء أجنبية ليست سوى تفاعل بين الحضارات، صحيح أنَّ تسمية العربي لابنه أو لمؤسسته أو لمدرسته باسمٍ عربي ليس عملاً خارقاً، لكنه عمل مطلوب ومهمّ، وليس المقصود التعاطي مع هذا الموضوع بأفق ضيّق محدود أو بنظرة شوفينية متعصّبة، بل المقصود الخلفية السياسية لهذا الأمر، وما يتبعها من أمور تمسّ صميم شخصيتنا وثقتنا بنفسنا وبتراثنا كمجموعة بشرية تعيش على هذا الكوكب، في خضم صراع الحضارات الذي ارتبط عمره بمحرك عجلة الزمن، ونتساءل مع غيرنا، لماذا لا تتواجد هذه الظاهرة في المجتمعات الغربية؟ ولماذا تعتمد كثير من دول العالم "منها فرنسا وإسبانيا" تشريعات قانونية مستفيضة تتدخل في اختيار الاسم وتحرص على إطلاق الأسماء التي تتناسب مع تاريخها الوطني، ولا تتعارض مع المُثُل والقيم والخصوصية الوطنية لشعوبها؟ وهل الانفتاح الحضاري أن يسمِّي عربيٌّ ابنه باسم نتنياهو مثلاً؟ "كما حدث في أحد الأقطار العربية مثلاً"!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير