تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ابن عاشور من كبار مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث]

ـ[سليم]ــــــــ[30 - 05 - 2006, 09:49 م]ـ

السلام عليكم

يعتبر المفسر الطاهر بن عاشور من كبار مفسري القرآن الكريم في العصر الحديث, وهو من المفسرين الذين احترموا الاوائل وعند النقد فقد كان ينتهج النقد العلمي وعن ادلة, والحقيقة أنني أميل الى تفسيره فهو ذوعهد قريب بنا وعلى علم رفيع.

نسبه:

هو محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، الشهير بالطاهر بن عاشور، ولد في تونس عام 1897,في أسرة عريقة تمتد أصولها إلى بلاد الأندلس. وقد استقرت هذه الأسرة في تونس بعد حملات التنصير ومحاكم التفتيش التي تعرض لها مسلمو الأندلس.

حفظ الطاهر القرآن الكريم، وتعلم اللغة الفرنسية، والتحق بجامع الزيتونة سنة (1310هـ = 1892م) وهو في الـ14 من عمره، فدرس علوم الزيتونة ونبغ فيها، وأظهر همة عالية في التحصيل، وساعده على ذلك ذكاؤه النادر والبيئة العلمية الدينية التي نشأ فيها، وشيوخه العظام في الزيتونة الذين كان لهم باع كبير في النهضة العلمية والفكرية في تونس، وملك هاجس الإصلاح نفوسهم وعقولهم فبثوا هذه الروح الخلاقة التجديدية في نفس الطاهر، وكان منهجهم أن الإسلام دين فكر وحضارة وعلم ومدنية.

دراسته:

تخرج الطاهر في الزيتونة عام (1317هـ = 1896م)، والتحق بسلك التدريس في هذا الجامع العريق، ولم تمض سنوات قليلة حتى عين مدرسًا من الطبقة الأولى بعد اجتياز اختبارها سنة (1324هـ = 1903م).

وكان الطاهر قد اختير للتدريس في المدرسة الصادقية سنة (1321هـ = 1900م)، وكان لهذه التجربة المبكرة في التدريس بين الزيتونة -ذات المنهج التقليدي- والصادقية -ذات التعليم العصري المتطور- أثرها في حياته، إذ فتحت وعيه على ضرورة ردم الهوة بين تيارين فكريين ما زالا في طور التكوين، ويقبلان أن يكونا خطوط انقسام ثقافي وفكري في المجتمع التونسي، وهما: تيار الأصالة الممثل في الزيتونة، وتيار المعاصرة الممثل في الصادقية، ودون آراءه هذه في كتابه النفيس "أليس الصبح بقريب؟ " من خلال الرؤية الحضارية التاريخية الشاملة التي تدرك التحولات العميقة التي يمر بها المجتمع الإسلامي والعالمي.

المناصب التي تقلدها:

عين الطاهر بن عاشور نائبا أول لدى النظارة العلمية بجامع الزيتونة سنة (1325 هـ = 1907م)؛ فبدأ في تطبيق رؤيته الإصلاحية العلمية والتربوية، وأدخل بعض الإصلاحات على الناحية التعليمية، وحرر لائحة في إصلاح التعليم وعرضها على الحكومة فنفذت بعض ما فيها، وسعى إلى إحياء بعض العلوم العربية؛ فأكثر من دروس الصرف في مراحل التعليم وكذلك دروس أدب اللغة، ودرس بنفسه شرح ديوان الحماسة لأبي تمام.

اختير ابن عاشور في لجنة إصلاح التعليم الأولى بالزيتونة في (صفر 1328 هـ = 1910م)، وكذلك في لجنة الإصلاح الثانية (1342 هـ = 1924م)، ثم اختير شيخا لجامع الزيتونة في (1351 هـ = 1932م)، كما كان شيخ الإسلام المالكي؛ فكان أول شيوخ الزيتونة الذين جمعوا بين هذين المنصبين، ولكنه لم يلبث أن استقال من المشيخة بعد سنة ونصف بسبب العراقيل التي وضعت أمام خططه لإصلاح الزيتونة، وبسبب اصطدامه ببعض الشيوخ عندما عزم على إصلاح التعليم في الزيتونة.

ولدى استقلال تونس أسندت إليه رئاسة الجامعة الزيتونية سنة (1374 هـ = 1956م.

كتبه:

1.التحرير والتنوير: هو التفسير الذي اشتهر به ,وهذا التفسير هو في حقيقته تفسير بلاغي، حيث اهتم فيه بدقائق البلاغة في كل آية من آياته، وأورد فيه بعض الحقائق العلمية ولكن باعتدال ودون توسع أو إغراق في تفريعاتها ومسائلها.

2.مقاصد الشريعة: على ما كان يتمتع به الطاهر من ملكوت اللغة العربية ومناهج التفاسير القرآني ,فقد برع ايضًا في الفقه وكان فقيهًا مجددًا, وقد رفض ما يردده بعض أدعياء الفقه من أن باب الاجتهاد قد أغلق في أعقاب القرن الخامس الهجري، ولا سبيل لفتحه مرة ثانية، وكان يرى أن ارتهان المسلمين لهذه النظرة الجامدة المقلدة سيصيبهم بالتكاسل وسيعطل إعمال العقل لإيجاد الحلول لقضاياهم التي تجد في حياتهم, وسيصيبهم الجمود الفكري.

بعض مواقفه:

ومن المواقف المشهورة للطاهر بن عاشور رفضه القاطع استصدار فتوى تبيح الإفطار في شهر رمضان، وكان ذلك عام (1381 هـ = 1961م) عندما دعا "الحبيبُ بورقيبة" الرئيسُ التونسي السابق العمالَ إلى الإفطار في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، وطلب من الشيخ أن يفتي في الإذاعة بما يوافق هذا، لكن الشيخ صرح في الإذاعة بما يريده الله تعالى، بعد أن قرأ آية الصيام، وقال بعدها: "صدق الله وكذب بورقيبة"، فخمد هذا التطاول المقيت وهذه الدعوة الباطلة بفضل مقولة ابن عاشور.

وفاته:

توفي الطاهر بن عاشور في (13 رجب 1393 هـ = 12 أغسطس 1973م) بعد أن منّ الله عليه بنعمة التفقه في الدين, وبعد حياة وعمر أهلكهما في مرضاة الله وإمتاع المسلمين بما أعطاه الله من علم وبصيرة.

بعض خصاله:

1.عدم تسليمه لنصوص الكتاب والسنة في إثبات المسائل العقدية، وتقديمه العقل عليهما عند التعارض.

2.عدم احتجاجه بخبر الواحد في إثبات مسائل العقيدة.

3.اهتمامه بتوحيد الألوهية، وبيان مكانته، وعظم منزلته من الدين.

4.تقريره أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، وأنه لا يجوز الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي.

5.بعده عن التعصب المذهبي، و كان مالكي المذهب في الأصل، ولذا فهو يهتم بإيراد أقوال العلماء، والنظر في أدلتهم، وترجيح ما يراه موافقا للدليل

6.سعة علمه وكثرة اطلاعه وتنوع ثقافته، كما يظهر ذلك جليا في منا قشاته للأقوال، وعرضه للمسائل.

7.حرصه على الاستدلال بالأحاديث الصحيحة في مسائل الأحكام وابتعاده عن الأحاديث الضعيفة والتنبيه عليها.

8.أدبه الجم مع العلماء الذين يخالفونه في الرأي، واحترامه لهم، واختيار أحسن العبارات وأفضل الألفاظ في مناقشته لهم، والرد عليهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير